التّفسير
انطلاقة من "أم القرى":
تحدثت الآيات السابقة عن قضية الشرك، لذلك فإنّ الآية الأولى في المجموعة الجديدة، تتناول بالبحث نتيجة عمل المشركين وعاقبة أمرهم حيث يقول تعالى: (والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم).
حتى يحاسبهم في الوقت المناسب، ويعاقبهم جزاء أعمالهم.
ثم تخاطب الآية رسول الله(ص) بقوله تعالى: (وما أنت عليهم بوكيل) إنّ مسؤوليتك هي تبليغ الرسالة وإيصال نداء الله الى جميع العباد.
وثمّة في كتاب الله آيات اُخرى تشير إلى هذا المعنى:
قوله تعالى: (لست عليهم بمصيطر)(1).
قوله تعالى: (ما أنت عليهم بجبار)(2).
قوله تعالى: (وما جعلناك عليهم حفيظاً)(3).
قوله تعالى: (ما على الرّسول إلاّ البلاغ)(4).
إنّ هذه الآيات تبيّن حقيقة حرية العباد واختيارهم الطريق الذي يريدونه بإرادتهم وحريتهم، لأنّ القيمة الحقيقة للإيمان والعمل الصالح تكمن في حرية الإختيار، وليس للإيمان أو العمل الإجباري أي قيمة معنوية.
يعود القرآن إلى قضية الوحي مرّةً اُخرى، وإذا كانت الآيات السابقة قد تحدّثت عن أصل الوحي، فإنّ الكلام هنا ينصب حول الهدف النهائي له، إذ يقول تعالى: (وكذلك أوحينا إليك قرآناً عربياً لتنذر أُمّ القرى ومن حوله) و "اُمّ القرى" هي مكّة المكرمة، ثمّ تنذر الناس من يوم القيامة وهو يوم الجمع الذي يجتمع فيه الناس للحساب والجزاء: (وتنذر يوم الجمع لا ريب فيه).
وفي ذلك اليوم ينقسم الناس إلى مجموعتين: (فريق في الجنّة وفريق في السعير).
﴿وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَولِيَاء﴾ أي الأصنام ﴿اللَّهُ حَفِيظٌ﴾ محص ﴿عَلَيْهِمْ﴾ أعمالهم فمجازيهم بها ﴿وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ﴾ تطالب بإيمانهم، إن عليك إلا البلاغ.