كما أن استخدام عبارة (يزوجهم) لا تعني التزويج هنا، بل تعني جمع الهبتين (الإناث والذكور) لبعض الناس وبعبارة اُخرى فإن مصطلح (التزويج) يأتي أحياناً بمعنى الجمع بين الأشياء المختلفة أو الأنواع المتعددة، لأن (زوج) تعني في الأصل شيئين أو شخصين متقارنين.
واعتبر بعضهم هذه الآية بمعنى ولادة الذكور والإناث على الترتيب، والبعض الآخر اعتبرها بمعنى ولادة التوائم، يعني الذكر والأنثى.
ولكن العبارة أعلاه لا تدل على أي من التفاسير المذكورة.
إضافةٌ إلى ذلك فإنها لا تتناسب مع ظاهر الآية، لأن الآية تريد الكلام عن مجموعة ثالثة رزقها الله البنات والبنين.
وعلى أية حال، فإن المشيئة الإلهية هي التي تتحكم في كلّ شيء وليس في قضية ولادة الأبناء فحسب، فهو القادر والعليم والحكيم، حيث يقترن علمه بقدرته، لذا فإنّ الآية تقول في نهايتها: (إنّه عليم قدير).
ومن الضروري أن نشير إلى أن كلمة (عقيم) المأخوذة من كلمة (عقم) - على وزن (بخل) وكذلك على وزن (فهم)ـ وتعني في الأصل الجفاف والتصلب المانع من قبول التأثير، والنساء العقيمات تطلق على اللواتي تكون أرحامهن غير مستعدة لتقبل النطفة ونمو الطفل، كما تسمى بعض الرياح بالرياح العقيمة لعدم قدرتها على ربط الغيوم الممطرة، و "اليوم العقيم" يطلق على اليوم الذي ليس فيه سرور وفرح، كما يسمى يوم القيامة باليوم العقيم بسبب عدم وجود يوم بعد ذلك اليوم يمكن فيه التعويض عن الماضي.
وأخيراً فإن الغذاء (المعقم) يطلق على الغذاء الذي تم القضاء على جميع ميكروباته، بحيث لا يمكنها النمو في ذلك المحيط.
﴿أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا﴾ أي يخص بعضا بالإناث وبعضا بالذكورة وبعضا بالضعفين ويعقم بعضا وإنما قدم الإناث أولا وأخرها ثانيا وعرف الذكورة ونكر الإناث لأن مساق الآية للدلالة على أن الواقع ما يتعلق به مشيئة الله لا مشيئة الناس فكان ذكر الإناث اللاتي من جملة ما لا يشاؤه الناس أهم، ولما أخر الذكور تدارك تأخيرهم بالتعريف لأن التعريف تنويه ونكر الإناث للتحقير ثم أعطى كلا من الجنسين حقه من التقديم والتأخير ليعلم أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن ولكن لغرض آخر ﴿إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ على ما يشاء.