وتتابع الآية التالية هذا البحث ببيان آخر، فتقول: (وإذا بشّر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظلّ وجهه مسودّاً وهو كظيم).
والمراد من (بما ضرب للرحمن مثلاً) هم الملائكة الذين كانوا يعتبرونهم بنات الله، وكانوا يعتقدون في الوقت نفسه أنّها آلهتهم، وأنّها شبيهة به - سبحانه - ومثله.
إنّ لفظة (كظيم) من مادّة "كظْم"، وتعني الحلقوم، وجاءت أيضاً بمعنى غلق فم قربة الماء بعد امتلائها، ولذلك فإنّ هذه الكلمة استعملت للتعبير عمّن امتلأ قلبه غضباً أو غمّاً وحزناً.
وهذا التعبير يحكي جيّداً عن خرافة تفكير المشركين البله في عصر الجاهليّة فيما يتعلق بولادة البنت، وكيف أنّهم كانوا يحزنون ويغتمّون عند سماعهم بولادة بنت لهم، إلاّ أنّهم في الوقت نفسه كانوا يعتقدون بأنّ الملائكة بنات الله سبحانه!
﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا﴾ بالجنس الذي جعله شبها أي إذا بشر بالأنثى ﴿ظَلَّ﴾ صار ﴿وَجْهُهُ مُسْوَدًّا﴾ لما يلحقه من الغم ﴿وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ ممتلىء كربا.