لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وتضيف في الآية الكريمة: (أو من ينشؤ في الحلية وهو في الخصام غير مبين) (1). لقد ذكر القرآن هنا صفتين من صفات النساء غالباً، تنبعثان من ينبوع عاطفتهنّ، إحداهما: تعلّق النساء الشديد بأدوات الزينة، والأُخرى: عدم امتلاكهنّ القدرة الكافية على إثبات مرادهنّ أثناء المخاصمة والجدال لحيائهنّ وخجلهنّ. لا شكّ أنّ بعض النسوة ليس لديهنّ هذا التعلّق الشديد بالزينة، ولا شكّ أيضاً أنّ التعلّق بالزينة ومحبّتها في حدود الإِعتدال لا يعد عيباً في النساء، بل أكّد عليها الإِسلام، إلاّ أنّ المراد هو أكثريّة النساء اللاتي تعوّدن على الاِفراط في الزينة في أغلب المجتمعات البشريّة، وكأنّهن يولدن بين أحضان الزينة ويتربّين في حجرها. وكذلك لا يوجد أدنى شكّ في أنّ بعض النسوة ارتقين أعلى الدرجات في قوّة المنطق والبيان، لكن لا يمكن إنكار ضعف النساء عند المخاصمة والبحث والجدال، إذا ما قورنت بقدرة الرجال، وذلك بسبب خجلهنّ وحيائهنّ. والهدف بيان هذه الحقيقة، وهي: كيف تظنّون وتعتقدون بأنّ البنات أولاد الله سبحانه، وأنّكم مصطفون بالبنين؟ وتذكر الآية الأخيرة - من هذه الآيات - هذا المطلب بصراحة أكثر، فتقول: (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثاً). أجل... إنّهم عباد الله، مطيعون لأمره، ومسلمون لإرادته، كما ورد ذلك في الآيتين (26 - 27) من سورة الأنبياء: (بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون). إنّ التعبير بكلمة (عباد) في الواقع ردّ على ظنّ هؤلاء، لأنّ الملائكة لو كانت مؤنّثاً لوجب أن يقول: (عبدات)، لكن ينبغي الإِنتباه إلى أنّ العباد تطلق على جمع المذكّر وعلى الموجودات التي تخرج عن إطار المذكر والمؤنث كالملائكة، ويشبه ذلك استعمال ضمائر المفرد المذكّر في حقّ الله سبحانه، في حين أنّه تعالى فوق كلّ هذه التقسيمات. وجدير بالذكر أنّ كلمة (عباد) قد أضيفت إلى (الرحمن) في هذه الجملة، ويمكن أن يكون هذا التعبير إشارة إلى أن أغلب الملائكة منفذون لرحمة الله، ومدبرون لقوانين عالم الوجود وأنظمته، وكل ذلك رحمة. لكن لماذا وجدت هذه الخرافة بين عرب الجاهليّة؟ ولماذا بقيت ترسباتها إلى الآن في أذهان جماعة من الناس؟ حتى أنّهم يرسمون الملائكة ويصورونها على هيئة المرأة والبنت، بل حتى إذا أرادوا أن يرسموا ما يسمى بملك الحرية فإنّهم يرسمونه على هيئة امرأة جميلة طويلة الشعر! يمكن أن يكون هذا الوهم نابعاً من أنّ الملائكة مستورون عن الأنظار، والنساء مستورات كذلك، ويلاحظ هذا المعنى في بعض موارد المؤنث المجازي في لغة العرب، حيث يعتبرون الشمس مؤنثاً مجازيّاً والقمر مذكراً، لأنّ قرص الشمس مغطى عادة بأمواج نورها فلا سبيل للنظر إليه، بخلاف قرص القمر. أو أن لطافة الملائكة ورقتها قد سببت أن يعتبروها كالنساء، حيث أن النساء اكثر رقّة ولطافة إذا قيست بالرجال. والعجيب أنّه بعد كل هذه المحاربة الإِسلامية لهذا التفكير الخرافي وإبطاله، فإنّهم إذا ما أرادوا أن يصفوا امرأة فإنّهم يقولون: إنّها ملك، أمّا في شأن الرجال فقلما يستعمل هذا التعبير. وكذلك قد يختارون كلمة الملك والملاك اسماً للنساء! ثمّ تجيبهم الآية بصيغة الإِستفهام الإِنكاري فتقول: (أشهدوا خلقهم)؟وتضيف في النهاية: (ستكتب شهادتهم ويسألون). لقد ورد ما قرأناه في هذه الآيات بصورة أُخرى في سورة النحل الآيات (56 - 60) أيضاً، وقد أوردنا هناك بحثاً مفصّلاً حول عقائد عرب الجاهليّة فيما يتعلق بمسألة الوأد، وعقيدتهم في جنس المرأة، وكذلك حول دور الإِسلام في إحياء شخصيّة المرأة ومقامها السامي. ﴿أَوَمَن﴾ إنكار أي أو جعلوا له من ﴿يُنَشَّأُ﴾ يتربى ﴿فِي الْحِلْيَةِ﴾ الزينة ﴿وَهُوَ فِي الْخِصَامِ﴾ في المخاصمة ﴿غَيْرُ مُبِينٍ﴾ للحجة لضعف عقله يعني الإناث.