والآية التالية إشارة إلى خصيصة أُخرى من خصائص المسيح (ع) فتقول: إن عيسى سبب العلم بالساعة (وإنه لعلم للساعة) إمّا أن ولادته من غير أب دليل على قدرة الله اللامتناهية، فتحُل على ضوئها مسألة الحياة بعد الموت، أو من جهة نزول المسيح (ع) من السماء في آخر الزمان طبقاً لروايات عديدة، ونزوله هذا دليل على اقتراب قيام الساعة.
يقول جابر بن عبدالله: سمعت رسول الله (ص) يقول: "ينزل عيسى بن مريم، فيقول أميرهم: تعال صلّ بنا، فيقول: لا، إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة من الله لهذه الأُمّة" (10).
ونقرأ في حديث آخر عن النّبي (ص) أنّه قال: "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم" (11).
وعلى أية حال، فإنّ إطلاق (العلم) على المسيح نوع من التأكيد والمبالغة، وهو إشارة إلى أن نزوله من علامات القيامة حتماً.
واحتمل أيضاً أن يعود الضمير في (أنه) على القرآن، وعلى هذا يكون معنى الآية: إنّ نزول القرآن الذي هو آخر الكتب السماوية، دليل على اقتراب الساعة، ويخبر عن قيام القيامة.
غير أنّ الآيات السابقة واللاحقة حول عيسى تقوي التّفسير الأوّل.
ثمّ تقول الآية بعد ذلك: إن قيام الساعة حتم، ووقوعها قريب: (فلا تمترنَّ بها)
لا من حيث الإِعتقاد بها ولا من حيث الغفلة عنها.
(واتبعون هذا صراط مستقيم) وأي صراط أكثر استقامة من الذي يخبركم بالمستقبل الخطير الذي ينتظركم، ويحذركم منه، ويدلكم على طريق النجاة من أخطار يوم البعث؟!
﴿وَإِنَّهُ﴾ أي عيسى ﴿لَعِلْمٌ لِّلسَّاعَةِ﴾ يعلم قربها بنزوله لأنه من أشراطها ﴿فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا﴾ لا تشكن فيها ﴿وَاتَّبِعُونِ هَذَا﴾ الذي آمركم به ﴿صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾ دين قيم.