ولما كان من الممكن أن يخفف العذاب الدائمي بمرور الزمان، وتقل شدته تدريجياً، فإنّ الآية التالية تضيف: (لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون)، وعلى هذا فإنّ عذاب هؤلاء دائم من ناحيتي الزمان والشدّة، لأنّ الفتور يعني السكون بعد الحدة، واللين بعد الشدة، والضعف بعد القوّة كما يقول الراغب في مفرداته.
"مبلس" من مادة "إبلاس"، وهي في الأصل الحزن الذي يصيب الإِنسان من شدة التأثر والإِنزعاج، ولما كان هذا الهم والحزن يدعو الإِنسان إلى السكوت، فقد استعملت مادة الإِبلاس بمعنى السكوت والإِمتناع عن الجواب أيضاً.
ولما كان الإِنسان ييأس من خلاص نفسه ونجاته في الشدائد العصيبة، فقد استعملت هذه المادة في مورد اليأس أيضاً، ولهذا المعنى سمي "إبليسُ" إبليسَ، إذ أنّه آيس من رحمة الله.
على أية حال، فإنّ هاتين الآيتين قد أكدتا على ثلاث مسائل: مسألة الخلود، وعدم تخفيف العذاب، والحزن واليأس المطلق.
وما أشد العذاب الذي تمتزج فيه هذه الأُمور الثلاثة وتجتمع.
﴿لَا يُفَتَّرُ﴾ يخفف ﴿عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ﴾ آيسون ساكتون حيرة.