وتقول الآية الأُخرى، والتي هي في الحقيقة علة لخلود هؤلاء في نار جهنم: (لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون).
وللمفسّرين رأيان مختلفان في أن هذا الكلام هل هو من قبل مالك خازن النّار، وأن ضمير الجمع يعود على الملائكة ومنهم مالك، أم أنّه كلام الله تعالى؟
السياق يوجب أن يكون الكلام كلام مالك، لأنّه أتى بعد كلامه السابق، إلاّ أنّ محتوى نفس الآية ينسجم مع كونه كلام الله تعالى، والشاهد الآخر لهذا الكلام الآية (71) من سورة الزمر: (وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم) فهنا يعد الملائكة الرسل هم الذين جاؤوا بالحق، لا هم.
وللتعبير "بالحق" معنى واسع يشمل كل الحقائق المصيرية، وإن كانت مسألة التوحيد والمعاد والقرآن تأتي في الدرجة الأولى.
وهذا التعبير يشير - في الحقيقة - إلى أنّكم لم تخالفوا الأنبياء فحسب، وإنّما خالفتم الحق في الواقع، وهذه المخالفة هي التي ساقتكم إلى العذاب الخالد الأبدي.
﴿لَقَدْ جِئْنَاكُم بِالْحَقِّ﴾ على لسان رسولنا أو كلاهما قول الله ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ﴾.