فتقف الآية الأولى بوجه المشركين الذين كانوا يعتقدون بانفصال إله السماء عن إله الأرض، بل ابتدعوا للبحر إلهاً، وللصحراء إلهاً وآخر للحرب، ورابعاً للصلح والسلم، وآلهة مختلفة ومتعددة بتعدد الموجودات، فتقول: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) لأنّ كونه إلهاً في السماء والأرض يثبت كونه ربّاً ومعبوداً فيهما - وقد مرّ ذلك في الآيات السابقة - لأنّ المعبود الحقيقي هو ربّ العالم ومدبره، لا الأرباب المختلفة، ولا الملائكة، ولا المسيح ولا الأصنام، فكلها ليست أهلاً لأن تكون أرباباً وآلهة، إذ ليس لها مقام الربوبية، فكلها مخلوقة في أنفسها ومربوبة، وتتمتع بأرزاق الله، وكلها تعبده سبحانه.
وتقول في الصفتين الثّانية والثّالثة (وهو الحكيم العليم) فكل أعماله تقوم على أساس الدقّة والحساب والنظم، وهو عليم بكل شيء ومحيط به، وبذلك فإنّه يعلم أعمال العباد جيداً، ويجازيهم عليها طبقاً لحكمته.
﴿وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ﴾ معبود وبه يتعلق الظرف وكذا ﴿وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ﴾ في صنعه ﴿الْعَلِيمُ﴾ بكل شيء.