ويأمر الله سبحانه نبيّه في آخر آية أن (فاصفح عنهم) ولا يكن إعراضك عنهم إعراض افتراق وغضب وأذى وجرح للمشاعر، بل أعرض عنهم (وقل سلام) لا سلام تحية ومحبّة، بل سلام وداع وافتراق.
إنّ هذا السلام يشبه ذلك السلام الذي ورد في الآية (63) من سورة الفرقان: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً) سلام هو علامة اللامبالاة بهم ممتزجةً بالعلوّ والعزة.
ومع ذلك فإنّه تعالى يهددهم ويحذرهم بجملة عميقة المعنى، لئلا يتصوروا أن الله تاركهم بعد هذا الفراق والوداع، فيقول: (فسوف يعلمون).
نعم، سوف يعلمون أي نار محرقة قد أوقدوها لأنفسهم بعنادهم، وأي عذاب أليم قد هيأوا أسبابه ليطالهم فيما بعد؟
وقد ذكر البعض سبب نزول الآية (ولا يملك الذين يدعون...) وهو: أن "النضر بن الحارث" ونفراً من قريش قالوا: إنّ كان ما يقوله محمّد حقاً، فلا حاجة لنا بشاعته، فإننا نحبّ الملائكة وهم أولياؤنا، وهم أحق بالشفاعة، فنزلت هذه الآية ونبهتهم على أن الملائكة لا تشفع يوم القيامة إلاّ لمن يشهدون بالحق، أي للمؤمنين.
وهنا تنتهي سورة الزخرف.
اللّهم، قربنا منك ومن أوليائك يوماً بعد يوم، وزدنا حباً لك ولهم حتى تنالنا شفاعتهم.
اللّهم، احفظنا من كل شرك خفي وجلي.
إلهنا، قد وصفت يوم القيامة في كتابك بصفات مهولة ومفزعة وتجعل الناس سكارى وما هم بسكارى...
اللهم فعاملنا بفضلك في ذلك اليوم ولا تعاملنا بعدلك، يا أرحم الراحمين.
آمين ربّ العالمين
نهاية سورة الزخرف
﴿فَاصْفَحْ﴾ أعرض ﴿عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ﴾ منكم أي متاركة ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ تهديد لهم.