التّفسير
إذا لم تؤمنوا فلا تصدّوا الآخرين عن الإِيمان:
متابعة للآيات السابقة التي كانت تتحدث حول تمرد مشركي العرب وعدم إذعانهم للحق، تشير هذه الآيات إلى نموذج من الأمم الماضية التي سارت في نفس هذا المسير، وابتليت أخيراً بالعذاب الأليم والهزيمة النكراء، ليكون ذلك تسلية للمؤمنين، وتحذيراً للمنكرين المعاندين.
وذلك النموذج هو قصّة موسى وفرعون، حيث تقول الآية: (ولقد فتنا قبلهم قوم فرعون).
"فتنّا" من مادة فتنة، وهي في الأصل تعني وضع الذهب في فرن النّار لتخليصه من الشوائب، ثمّ أطلقت على كل امتحان واختبار يجري لمعرفة نسبة خلوص البشر... ذلك الاختبار الذي يعم كل حياة الإِنسان والمجتمعات البشرية، وبتعبير آخر، فإن كل مراحل حياة الإِنسان في هذه الدنيا تطوى في هذه الإِختبارات، فإن هذه الدنيا دار امتحان وابتلاء.
لقد كان قوم فرعون يعيشون أوج قوتهم وعظمتهم بامتلاكهم حكومة قوية، وثروات ضخمة، وإمكانيات واسعة، فغرتهم هذه القدرة العظيمة، وتلوثوا بأنواع المعاصي والظلم والجور.
ثمّ تضيف الآية (وجاءهم رسول كريم) فهو كريم من ناحية الخلق والطبيعة، وكريم من ناحية العظمة والمنزلة عند الله، وكريم من ناحية الأصل والنسب، ولم يكن هذا الرّسول إلا موسى بن عمران (ع).(1)
﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا﴾ امتحنا ﴿قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ﴾ معه ﴿وَجَاءهُمْ رَسُولٌ﴾ هو موسى ﴿كَرِيمٌ﴾ على الله أو شريف النسب.