التّفسير
لا شيء بعد الموت!
بعد أنّ جسدت الآيات السابقة مشهداً من حياة فرعون والفراعنة، وعاقبة كفرهم وإنكارهم، تكرر الكلام عن المشركين مرّة أُخرى، وأعادت هذه الآيات مسألة شكهم في مسألة المعاد - والتي مرّت في بداية السورة - بصورة أُخرى، فقالت: (إنّ هؤلاء ليقولون إن هي إلاّ موتتنا الأولى) وسوف لا نعود إلى الحياة اطلاقاً (1) وما يقوله محمّد عن المعاد والحياة بعد الموت والثواب والعقاب، والجنّة والنّار لا حقيقة له، فلا حشر ولا نشر أبداً!
وهنا سؤال يطرح نفسه، وهو: لماذا يؤكّد المشركون على الموتة الأولى فقط، والتي تعني عدم وجود موت آخر بعد هذا الموت، في حين أنّ مرادهم نفي الحياة بعد الموت، لا إنكار الموت الثاني وبتعبير آخر فإنّ الأنبياء كانوا يخبرون بالحياة بعد الموت، لا بالموت مرة ثانية.
ونقول في الإجابة: إنّ مرادهم عدم وجود حالة أُخرى بعد الموت، أي إنّنا نموت مرّة واحدة وينتهي كلّ شيء، وبعد ذلك لا توجد هناك حياة أُخرى ولا موت آخر، فكل ما هو موجود هذا الموت لا غير.
(فتأمل!) (2).
وهذا يشبه كثيراً ما ورد في الآية (29) من سورة الأنعام، حيث تقول: (وقالوا إن هي إلاّ حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين)!
﴿إِنَّ هَؤُلَاء﴾ أي كفار مكة ﴿لَيَقُولُونَ﴾.