التّفسير
يوم الفصل!
تمثل هذه الآيات في الحقيقة نتيجة الآيات السابقة التي بحثت مسألة المعاد، والتي استدل بها عن طريق حكمة خلق هذا العالم على وجود البعث والحياة الأُخرى.
فتستنتج الآية الأولى من هذا الإستدلال: (إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين).
كم هو جميل هذا التعبير عن يوم القيامة بيوم الفصل! ذلك اليوم الذي يفصل فيه الحق عن الباطل، وتمتاز صفوف المحسنين عن المسيئين، ويعتزل فيه الإنسان أعزّ أصدقائه وأقرب أخلائه... نعم، إنّه موعد كلّ المجرمين (1).
ثمّ ذكرت الآية التالية شرحاً موجزاً ليوم الفصل هذا، فقالت: (يوم لا يغني مولى عن مولى شيئاً ولا هم ينصرون).
أجل، ذلك اليوم هو يوم الفصل والافتراق، يوم يفارق الإنسان فيه كلّ شيء إلاّ عمله، ولا يملك المولى - بأي معنى كان، الصاحب، الولي، ولي النعمة، القريب، الجار، الناصر وأمثال ذلك - القدرة على حل أصغر مشكلة من مشاكل القيامة.
"المولى" من مادة ولاء، وهي في الأصل تعني الإتصال بين شيئين بحيث لا يوجد بينهما حاجز، وله مصاديق كثيرة وردت في كتب اللغة كمعان مختلفة، تشترك جميعاً في معناها الأصلي وجذرها (2).
﴿إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ﴾ الحكم بين الخلق أو فصل الحق من الباطل ﴿مِيقَاتُهُمْ﴾ موعدهم ﴿أَجْمَعِينَ﴾ للعذاب الأكبر.