لكن هناك جماعة واحدة مستثناة فقط، وهي التي أشارت إليها الآية التالية، فقالت: (إلاّ من رحم الله إنّه هو العزيز الرحيم).
لا شك أنّ هذه الرحمة الإلهية لا تُمنح اعتباطاً، بل تشمل الذين آمنوا وعملوا الصالحات فقط، وإذا كانوا قد بدر منهم زلل ومعصية، فإنّها لا تبلغ حدّاً تقطع فيه علاقتهم بالله سبحانه، فهم يرفعون أكفهم إلى الله ويرجون رحمته، فيتنعمون بها، ويرتوون منها، ويتمتعون بشفاعة أوليائه.
من هنا يتّضح أنّ نفي وجود صديق وولي ونصير في ذلك اليوم لا ينافي مسألة الشفاعة، لأنّ الشفاعة أيضاً لا تحصل إلاّ بإذن الله تعالى.
والطريف أنّ الآية قرنت وصفه سبحانه بكونه عزيزاً ورحيماً، والأوّل إشارة إلى قدرته اللامتناهية التي لا تعرف الهزيمة والضعف، والثّاني إشارة إلى رحمته التي لا حدود لها، والمهم أن تكون رحمته عين قدرته.
وقد روي في بعض روايات أهل البيت (ع) أنّ المراد من جملة: (إلاّ من رحم الله) وصي النّبي (ص) أمير المؤمنين علي (ع) وشيعته (3).
ولا يخفى أنّ الهدف منها هو بيان المصداق الواضح.
﴿إِلَّا مَن رَّحِمَ اللَّهُ﴾ بالعفو عنه أو بالإذن بالشفاعة ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ﴾ في انتقامه من أعدائه ﴿الرَّحِيمُ﴾ بأوليائه.