ثمّ تناولت الآية الأُخرى النعمة الخامسة لأصحاب الجنّة فقالت: (يدعون فيها بكل فاكهة آمنين) فلا توجد في الجنّة تلك هنا المشكلات والصعوبات التي كانوا يعانونها في تناول فاكهة الدنيا، فإنّها قريبة منهم وفي متناولهم، وعلى هذا فليس هناك بذل جهد لاقتطاف الأثمار من الأشجار العالية، إذ (قطوفها دانية) (2).
وإليهم يرجع اختيار الفاكهة التي يشتهونها: (وفاكهة مما يتخيرون) (3).
ولا أثر هنا للأمراض والإضطرابات التي قد تحدث في هذه الدنيا على أثر تناول الفواكه، وكذلك لا خوف من فسادها وقلتها، فهم في راحة وأمن واطمئنان من الجهات.
وعلى أية حال، فإذا كان الزقوم طعام أهل النّار الذي يغلي في بطونهم كغلي الحميم، فإنّ طعام الجنّة هي الفواكه اللذيذة الخالية من كلّ أذى وإزعاج.
خلود الجنّة ونعمها هي النعمة السادسة من نعم الله سبحانه على المتقين، لأنّ الذي يقلق فكر الإنسان عند الوصال واللقاء هو خوف الفراق، ولذلك تقول الآية:
﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ﴾ اشتهوا في أي وقت ﴿آمِنِينَ﴾ من مضرتها وغيرها.