تقول الآية: (من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها ثمّ إلى ربّكم ترجعون).
إن هذا التعبير الذي ورد في القرآن الكريم مراراً، وبعبارات مختلفة، يشكل جواباً لمن يقول: ماذا يضر عصياننا الله تعالى، وما تنفعه طاعتنا؟ ولماذا هذا الإصرار على طاعة أوامره والإنتهاء عن معاصيه؟
فتقول هذه الآيات: إنّ كلّ ضرر ذلك وكلّ نفعه يعود عليكم، فأنتم الذين تسلكون مراقي الكمال في ظل الأعمال الصالحة، وتحلقون إلى سماء قرب الله عزَّ وجلّ، كما أنّكم أنتم الذين تهوون إلى الحضيض نتيجة ارتكابكم الآثام والمعاصي، فتبتعدون عن الله عزَّ وجلَّ وتستحقون بذلك اللعنة الأبدية.
إن كلّ أمور التكليف، وإرسال الرسل، وإنزال الكتب تهدف إلى هذا المراد السامي، ولذلك يقرر القرآن الحكيم (ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإنّ الله غني حميد) (5)
ويقول في موضع آخر: (فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها) (6)
ونقرأ في موضع ثالث: (ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه والى الله المصير) (7)
وخلاصة القول: إنّ أمثال هذه التعابير تبين حقيقة أنّ دعوة الداعين إلى الله سبحانه خدمة للبشر في جميع أبعادها، وليست خدمة لله الغني عن كلّ شيء، ولا لأنبيائه الذين أجرهم على الله فقط.
إنّ الإنتباه إلى هذه الحقيقة يعدّ عاملاً مهماً في السير نحو طاعة الله سبحانه، والإبتعاد عن معصيته.
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا﴾ إذ لها نفعه وعليها ضرره ﴿ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ﴾ فيجازي كلا بعمله.