أمّا لماذا ابتليتم بمثل هذا المصير؟ فـ (ذلكم بأنّكم اتخذتم آيات الله هزواً وغرتكم الحياة الدنيا).
وأساساً فإنّ "الغرور" و"الإستهزاء" لا ينفصلان عن بعضهما عادة، فإنّ الأفراد المغرورين والمتكبرين الذين ينظرون إلى الآخرين بعين الإحتقار يتخذونهم هزواً ويسخرون منهم، ومصدر الغرور في الواقع هو متاع الدنيا وقدرتها وثروتها الزائلة المؤقتة، والتي تدع الأفراد الضيقي الصدور في غفلة تامة لا يعيرون معها لدعوة رسل الله أدنى اهتمام، ولا يكلفون أنفسهم حتى النظر فيها للوقوف على صوابها من عدمه.
وتكرر الآية ما ورد في الآية السابقة وتؤكّده بأُسلوب آخر، فتقول: (فاليوم لا يخرجون منها ولا هم يستعتبون) (2)، فقد كان الكلام هناك عن مأواهم ومقرهم الثابت، والكلام هنا عن عدم خروجهم من النّار... حيث قال هناك: ما لهم من ناصرين، وهنا يقول: لا يقبل منهم عذر، والنتيجة هي أنّ لا سبيل لنجاتهم.
﴿ذَلِكُم بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا﴾ استهزاؤهم بها ﴿وَغَرَّتْكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾ فأنكرتم البعث ﴿فَالْيَوْمَ لَا يُخْرَجُونَ مِنْهَا﴾ التفات ﴿وَلَا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ﴾ لا يطلب منهم العتبى وهي أن يرضوا ربهم بالتوبة إذ لا تنفع حينئذ.