وبعد وصف ذاته المقدسة بمقام الحمد والربوبية، تضيف الآية في الصفة الثالثة: (وله الكبرياء في السماوات والأرض) لأنّ آثار عظمته ظاهرة في السماء
المترامية الأطراف، والأرض الواسعة الفضاء، وفي كلّ زاوية من زوايا العالم.
لقد كان الكلام في الآية السابقة عن مقام الربوبية، أي كونه تعالى مالكاً لأُمور عالم الوجود ومدبراً لها، والكلام هنا عن عظمته، فكلما دققنا النظر في خلق السماء والأرض وتأملناه، سنزداد معرفة بهذه الحقيقة، وتزداد بصيرتنا بها.
وأخيراً تقول الآية في الوصفين الرابع والخامس: (وهو العزيز الحكيم) وبذلك تكمل مجموعة العلم والقدرة والعظمة والربوبية والمحمودية، والتي هي مجموعة من أهم صفات الله، وأسمائه الحسنى.
ولعلها تشير إلى أن: له الحمد فاحمدوه، وهو الرب فاشكروا له، وله الكبرياء فكبروه، وهو العزيز الحكيم فأطيعوه.
وبوصف الله سبحانه بالعزيز والحكيم تنتهي سورة الجاثية كما بدأت بهما، وكل محتواها وما تضمنته شاهد على عزّة الله سبحانه وحكمته السامية.
اللّهمَّ، إنا نقسم عليك بكبريائك وعظمتك، وبمقام ربوبيتك، وعزتك وحكمتك، تثبت أقدامنا في طريق طاعة أوامرك.
اللّهمَّ، إنّ كلّ حمد وثناء نؤديه فبتوفيق منك، وكلّ ما لدينا من بركاتك وألطافك، فأدم اللّهمَّ هذه النعم وزدها علينا.
إلهنا: نحن غارقون في بحر إحسانك وكرمك، فوفقنا لأداء شكرك.
آمين يا ربّ العالمين
نهاية سورة الجاثية
﴿وَلَهُ الْكِبْرِيَاء﴾ العظمة ﴿فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ فلا يستحقها سواه ﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ في سلطانه ﴿الْحَكِيمُ﴾ في تدبيره.