وتوبخ الآية الأخيرة من هذه الآيات هؤلاء العصاة، وتذمهم بهذا البيان: (فلولا نصرهم الذين اتخذوا من دون الله قرباناً آلهة) (5).
حقّاً، إذا كانت هذه آلهة على حق، فلماذا لا تعين أتباعها وعبادها وتنصرهم في تلك الظروف الحساسة، ولا تنقذهم من قبضة العذاب المهول المرعب؟ إنّ هذا بنفسه دليل محكم على بطلان عقيدتهم حيث كانوا يظنّون أنّ هذه الآلهة المخترعة هي ملجأهم وحماهم في يوم تعاستهم وشقائهم.
ثمّ تضيف: (بل ضلوا عنهم) فإنّ هذه الموجودات التي لا قيمة لها ولا أهمية، والتي ليست مبدأ لأي أثر، ولا تأتي بأي فائدة، وهي عند العسر صماء عمياء، فكيف تستحق الألوهية وتكون أهلاً لها؟
وأخيراً تقول الآية: (وذلك إفكهم وما كانوا يفترون) فإنّ هذا الهلاك والشقاء، وهذا العذاب الأليم، واختفاء الآلهة وقت الشدّة والعسر، كان نتيجةً لأكاذيب أُولئك وأوهامهم وافتراءاتهم (6).
﴿فَلَوْلَا﴾ فهلا ﴿نَصَرَهُمُ﴾ منعهم من العذاب ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا﴾ متقربا بهم إلى الله ﴿آلِهَةً﴾ بدل منه أو مفعول ثاني وقربانا حال ﴿بَلْ ضَلُّوا﴾ غابوا ﴿عَنْهُمْ﴾ عند نزول العذاب ﴿وَذَلِكَ﴾ الاتخاذ ﴿إِفْكُهُمْ﴾ كذبهم ﴿وَمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾ وافترائهم على الله.