وتناولت آخر آية من هذه الآيات بيان علّة هذا العذاب الإلهي وهم على إعتاب الموت، فتقول: (ذلك بأنّهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم).
لأنّ رضى الله سبحانه هو شرط قبول الأعمال وكلّ سعي وجهد، وبناءً على هذا، فمن الطبيعي أن تحبط أعمال أُولئك الذين يصرون على إغضاب الله عزَّ وجلّ وإسخاطه، ويخالفون ما يرتضيه، ويودعون هذه الدنيا وهم خالو الوفاض، قد أثقلتهم أوزارهم، وأرهقتهم ذنوبهم.
إنّ حال هؤلاء القوم يخالف تماماً حال المؤمنين الذين تستقبلهم الملائكة بوجوه ضاحكة عندما يشرفون على الموت، وتبشّرهم بما أعد الله لهم: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولن سلام عليكم ادخلوا الجنّة بما كنتم تعملون) (5).
وممّا يلفت النظر أنّ الجملة فعلية في مورد غضب الله تعالى: (ما أسخط الله) وهي أسمية في مورد رضاه: (رضوانه)، وقال بعض المفسّرين: إنّ هذا التفاوت في التعبير يتضمن نكتةً لطيفة، وهي أنّ غضب الله قد يحدث وقد لا يحدث، أمّا رضاه ورحمته فهي مستمرة دائمة.
وواضح أيضاً أنّ غضب الله تعالى وسخطه لا يعني التأثر النفسي، كما أنّ رضاه سبحانه لا يعني انبساط الروح وانشراح الأسارير، بل هما كما ورد في حديث الإمام الصادق (ع): "غضب الله عقابه، ورضاه ثوابه" (6).
﴿ذَلِكَ﴾ التوقي على تلك الحال ﴿بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ﴾ من الكفر والمعاصي ﴿وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ﴾ ما يرضيه من الإيمان والطاعات ﴿فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ لعدم إيمانهم.