التّفسير
مكانة النّبي وواجب الناس تجاهه!
قلنا إنّ بعض الجهلاء اعترضوا بشدّة على صلح الحديبيّة وحتى أنّ بعض تعبيراتهم لم تخل من عدم الإحترام بالنسبة إلى النّبي (ص) وكان مجموع هذه الأُمور يستوجب أن يؤكّد القرآن مرّةً أُخرى على عظمة النّبي (ص) وجلالة قدره!.
لذلك فإنّ الآية الأولى من الآيات أعلاه تخاطب النّبي فتقول: (إنّا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً).
وهذه ثلاثة أوصاف بارزة هي من أهم ما يتمتّع به النّبي من صفات ومقام.
كونه "شاهداً" و"مبشّراً"، و"نذيراً".
"شاهداً" على جميع الأمّة الإسلامية، بل هو شاهد على جميع الأمم كما نقرأ هذا التعبير في الآية (41) من سورة النساء (فكيف إذا جئنا من كلّ أُمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً).
ونقرأ في الآية (5) من سورة التوبة قوله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).
وأساساً فإنّ لكلّ إنسان شهوداً كثيرين!.
أولهم اللّه الذي هو عالم الغيب والشهادة المطّلع على جميع أعماله ونيّاته!.
ومن بعده الملائكة المأمورون بحفظ أعماله كما ورد التعبير في الآية (21) من سورة (ق) (وجاءت كلّ نفس معها سائق وشهيد).
ثمّ أعضاء بدن الإنسان وحتى جلده شاهد عليه... (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) (1).
وجاء في الآية 21 من سورة فصلت في هذا الصدد أيضاً: (وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي انطق كلّ شيء).
و"الأرض" أيضاً، من زمرة الشهود وكما جاء في سورة الزلزلة (يومئذ تحدّث أخبارها).
وطبقاً لبعض الروايات فإنّ "الزمان" أحد الشهود أيضاً، إذ نقرأ في بعض أحاديث الإمام علي (ع) قوله: "ما من يوم يمرّ على بني آدم إلاّ قال له ذلك اليوم أنا يوم جديد وأنا عليك شهيد فافعل فيّ خيراً واعمل فيّ خيراً، اشهدُ لك يوم القيامة فإنّك لن تراني بعد هذا أبداً" (2)، (3).
ولاشك أنّ شهادة الله وحدها كافية، لكنّ تعدّد الشهود فيه إتمام للحجّة أكثر وله أثر تربويّ - أقوى - في الناس...
وعلى كلّ حال فإنّ القرآن الكريم بيّن هذه الأوصاف الثلاثة وهي الشهادة والبشارة والانذار التي هي من الأوصاف الأساسية للنبي (ص) لتكون مقدمة لما ورد في الآية التي بعدها.
﴿إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا﴾ على أمتك ﴿وَمُبَشِّرًا﴾ للمطيعين ﴿وَنَذِيرًا﴾ للعاصين.