لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
فتقول الآية في البداية: (محمّد رسول الله). سواء رضي به خفافيش الليل كسهيل بن عمرو أم لم يرضَ به؟! واخفوا أنفسهم عن هذه الشمس التي أشرقت على العالم أجمع أم لم يُخفوا؟! فالله يشهد على رسالته ويشهد بذلك العارفون. ثمّ تصف الآية أصحابه وخلالهم (وسجاياهم) الباطنية والظاهرية ضمن خمس صفات إذ تقول في وصفهم: (والذين معه أشدّاء على الكفّار). وصفتهم الثانية أنّهم: (رحماء بينهم). أجل: هم منطلق للمحبّة والرحمة فيما بينهم كما أنّهم نار ملتهبة وسد محكم بوجه أعدائهم الكفّار... وفي الحقيقة أنّ عواطفهم وأفكارهم تتلخّص في هاتين الخصلتين: "الرحمة" و"الشدّة"... لكن لا تضادّ في الجمع بينهما أوّلاً، ولا رحمتهم فيما بينهم وشدّتهم على الكفّار تقتضي أن تحيد أقدامهم عن جادّة الحق ثانياً... ثمّ تضيف الآية مبيّنة وصفهم الثّالث فتقول: (تراهم ركّعاً سجّداً). هذا التعبير يجسد العبادة بركنيها الأساسيين: "الركوع والسجود" على أنّها حالة دائمية لهم، العبادة التي هي رمز للتسليم أمام أمر الله الحق، ونفي الكبر والغرور والأنانية عن وجودهم. أمّا الوصف الرابع الذي تذكره الآية عن هؤلاء الأصحاب فهو بيان نيّتهم الخالصة الطاهرة فتقول: (يبتغون فضلاً من الله ورضواناً) فهم لا يعملون رياءً ولا يبتغون من الخلق الثواب، بل هدفهم رضا الله وفضله فحسب، والباعث على تحرّكهم في حياتهم جميعاً هو هذا الهدف ليس إلاّ!... حتى التعبير بـ"فضلاً" يدل على أنّهم معترفون بتقصيرهم ويرون أعمالهم أقل من أن يطلبوا الثواب من الله، بل إنّهم مع كلّ عبادتهم وأعمالهم الصالحة ما يزالون قائلين: لولا فضلك يا ربّنا فالويل لنا... أمّا الوصف الخامس فهو عن سيماهم المشرق إذ تقول الآية: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) (3). "سيما" في الأصل معناها العلامة والهيأة، سواءً أكانت هذه العلامة في الوجه أم في مكان آخر وإن كانت في الإستعمال العرفي تشير إلى علامة الوجه! والأثر الظاهريّ له... وبعبارة أُخرى أنّ قيافتهم تدلّ بصورة جيدة أنّهم أناس خاضعون أمام الله والحق والقانون والعدالة، وليست العلامة في وجوههم فحسب، بل في جميع وجودهم وحياتهم تبدو هذه العلامة... وبالرغم من أنّ بعض المفسّرين يرى بأنّ "السيماء" هي الأثر الظاهر في الجبهة من السجود أو أثر التراب عليها من مكان السجدة... غير أنّ هذه الآية كما يظهر لها مفهوم أوسع ترتسم ملامحه على وجوه هؤلاء الرجال الربّانيين... وقال بعضهم: هذه الآية إشارة إلى إشراق وجوههم يوم القيامة كالبدر من كثرة سجودهم.... وبالطبع يمكن أن تكون جباههم ووجوههم على هذه الهيّأة يوم القيامة إلاّ أنّ الآية تتحدّث عن وضعهم الظاهري في الدنيا... وقد ورد في حديث عن الإمام الصادق في تفسير هذه الجملة أنّه قال: "هو السهر في الصلاة!" (4). ولا مانع من الجمع بين هذه المعاني كلّها!... وعلى كلّ حال فإنّ القرآن يضيف بعد بيان هذه الأوصاف: (ذلك مثلهم في التوراة)! فهذه حقيقة مقولة قبلاً وأوصافٌ وردت في كتاب سماوي نزل منذ أكثر من ألفي عام... ولكن لا ينبغي أن ننسى أنّ التعبير بـ (والذين معه) يحكي عن معيّة النّبي في كلّ شيء، في الفكر والعقيدة والأخلاق والعمل لا عن أولئك الذين كانوا في عصره - وإن اختلفوا وإيّاه في المنهج. ثمّ يتحدّث القرآن عن وصفهم في كتاب سماوي كبير آخر وهو الإنجيل فيقول: (ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزرّاع) (5). "الشطأ": معناه الفسيل أو البرعم الذي يخرج إلى جانب الساق الأصلي للزرع... و"آزره" مشتقٌّ من المؤازرة أي المعاونة. و"استغلظ" مشتقٌّ من مادة الغلظة، أي أنّه متين... وجملة "استوى على سوقه" مفهومها أنّ هذا الزرع بلغ قدراً من المتانة بحيث ثبت على سيقانه: و"سوق" جمع ساق - والتعبير بـ"يعجب الزرّاع" يعني أنّ هذا الزرع يكون سريع النمو كثير البراعم وافر النتاج إلى درجة يُسرّ به الزراع ويعجبون منه، والطريف أنّ وصفهم الثّاني في الإنجيل جاء على خمسة أمور أيضاً هي: 1 - أخراج الشطأ. 2 - والمؤازرة للنموّ. 3 - والإستغلاظ. 4 - والإستواء. 5 - والنمو المعجب. وفي الحقيقة إنّ أوصافهم المذكورة في "التوراة" تتحدّث عن أبعاد وجودهم من جهة العواطف والأهداف والأعمال وصورتهم الظاهرية... وأمّا الأوصاف الواردة في "الإنجيل" فهي تتحدّث عن حركتهم ونموّهم وتكاملهم في جوانب مختلفة (فلاحظوا بدقة). أجل هم أناس متّصفون بصفات عليا لا يفترون عن الحركة لحظة واحدة... وتتنامى براعمهم دائماً ويثمرون ويتآزرون كلّ حين... وينشرون الإسلام بأقوالهم وأعمالهم في العالم ويوماً بعد يوم يزداد عددهم في المجتمع الإسلامي!... أجل، إنّهم لا يتكاسلون في حركتهم المتّجهة إلى الإمام دائماً، وهم في حال عبادتهم مجاهدون، وفي حال جهادهم عابدون ظاهرهم سوي، وباطنهم سليم، وعواطفهم صادقة، ونيّاتهم خالصة، وهم مظهر غضب الله بوجه أعداء الحق، ومظهر الرحمة بوجه إخوانهم. ثمّ تضيف الآية معقّبةَ: أنّ هذه الأوصاف العليا وهذا النمو والتكامل السريع وهذه الحركة المباركة بقدر ما تعجب المحبّين وتسرّهم فهي في الوقت ذاته: (ليغيظ بهم الكفّار) (6). ويضيف القرآن مختتماً هذه الآية المباركة: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً). بديهي أنّ أوصاف أصحاب النّبي التي وردت في بداية الآية محل البحث جمعت فيها الإيمان والعمل الصالح، فتكرار هذين الوصفين إشارة إلى استمرارهما وديمومتهما: أي أنّ الله وعد أولئك الذين بقوا على نهجهم من أصحاب محمّد (ص) واستمروا بالإيمان والعمل الصالح، وإلاّ فإنّ من كان يوماً مع النّبي ويوماً آخر مع سواه وعلى خلاف طريقته فلا يُشملون بهذا الوعد أبداً. والتعبير بـ "منهم" مع الإلتفات إلى هذه المسألة، وهي أنّ الأصل في كلمة "من" في مثل هذه الموارد التبعيض، وظاهر الآية يُعطي هذا المعنى أيضاً، وهذا التعبير يدلُّ على أنّ أصحاب النّبي ينقسمون قسمين - فطائفة منهم - يواصلون إيمانهم وعملهم الصالح وتشملهم رحمة الله الواسعة وأجره العظيم، وطائفة يحيدون عن نهجه فيحرمون من هذا الفيض العظيم!... وليس معلوماً السبب في إصرار بعض المفسّرين على أنّ "من" في كلمة "منهم" بيانيّة حتماً، في حين لو ارتكبنا خلاف الظاهر وقلنا إنّ من هنا بيانية فكيف يمكن أن ندع القرائن العقلية هنا، فلا أحد يدّعي أبداً أنّ جميع أصحاب النّبي معصومون وفي هذه الصورة يزول احتمال أنّ كلّ واحد منهم بقي على عمله الصالح وإيمانه، ومع هذه الحال فكيف يعدهم الله بالمغفرة والأجر العظيم دون قيد وشرط سواءً عملوا الصالحات في طول مسيرتهم، أو أن يعملوا الصالحات في وقت، ثمّ ينحرفوا من منتصف الطريق!... وهذه اللطيفة تستدعي الإلتفات وهي أنّ جملة: (والذين معه) لا تعني المرافقة الجسدية مع النّبي (ص) والمصاحبة الجسمانية لأنّ المنافقين كانوا على هذه الشاكلة أيضاً... بل المراد من "معه" هو المعيّة من جهة أصول الإيمان والتقوى قطعاً... فبناءً على هذا لا يمكننا أن نستنتج حكماً كليّاً من الآية الآنفة في شأن جميع المعاصرين والمجالسين للنبي (ص)... بحثان 1 - قصة تنزيه الصحابة! المعروف بين علماء أهل السنّة أنّ صحابة رسول الله جميعاً أولو امتياز خاص دون سائر الناس من أُمّة محمّد فهم مطهّرون أزكياء معصومون من الزلل وليس لنا الحق في انتقاص أي منهم أو انتقاده ويحرم الإساءة إليهم بالكلام وغيره، حتى أنّ بعضهم قال بكفر من يفعل ذلك واستدلّوا على ذلك بآيات من الذكر الحكيم منها هذه الآية: (وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرةً وأجراً عظيماً)... وبالآية (100) من سورة التوبة إذ تعبّر عن المهاجرين والأنصار بعد ذكرهم في آيات سابقة بقولها: (رضي الله عنهم ورضوا عنه)... ولكنّنا إذا ابتعدنا عن الأحكام المسبقة الإعتباطية، فسنجد أمامنا قرائن تتزلزل عندها هذه العقيدة! الأولى: إنّ جملة: (رضي الله عنهم ورضوا عنه) الواردة في سورة التوبة لا تخصّ المهاجرين والأنصار فحسب، لأنّ في الآية تعبيراً آخر وهو: (والذين اتبعوهم بإحسان) يشمل كلّ من يتّبعهم بالإحسان والصلاح إلى يوم القيامة... فكما أنّ "التابعين" إذا كانوا في خط الإيمان يوماً وفي خط الكفر والإساءة يوماً آخر يخرجون من خيمة رضا الله، فإنّ الموضوع ذاته وارد في الصحابة لأنّهم في آخر سورة الفتح مقيّدون بالإيمان والعمل الصالح أيضاً بحيث لو خرجوا عن هذا القيد ولو يوماً واحداً لخرجوا عن رضوان الله سبحانه... وبتعبير آخر: إنّ كلمة "بإحسان" هي في شأن التابعين والمتبوعين جميعاً، فأي منهما خرج عن خطّ الإحسان فلن يشمله رضا الله ولطفه... الثانية: أنّه يستفاد من الروايات الإسلامية أنّ أصحاب النّبي وإن امتازوا بشرف صحبته، إلاّ أنّ من يأتي بعدهم في الفترات المقبلة وهم ذوو عمل صالح وإيمان راسخ أفضل منهم من جهة واحدة وهي أنّ أصحاب النّبي شهدوا معاجزه بجميع أنواعها غير أنّ الآخرين اتبعوا منهاجه دون مشاهدتها وساروا على هداه بالإفادة من الدلائل الأُخر... ونقرأ في بعض أحاديث النّبي (ص) أنّه سأله أصحابه: "نحن إخوانُك يا رسول الله؟! قال: لا أنتم أصحابي، وإخواني الذين يأتون بعدي. آمنوا بي ولم يروني، وقال: للعامل منهم أجر خمسين منكم، قالوا: بل منهم يا رسول الله؟! قال: بل منكم ردّدها ثلاثاً، ثمّ قال: لأنّكم تجدون على الخير أعواناً" (7). كما نقل في صحيح مسلم عن رسول الله (ص) أنّه قال: "ودِدْتُ أنّا قد رأينا إخواننا، قالوا: أوَ لسنا إخوانك يا رسول الله؟! فقال: أنتم أصحابي وإخوانُنا الذين لم يأتوا بعد" (8). ويؤيّد العقل والمنطق هذه المقولة أيضاً حيث إنّ من لم يدركوا رسول الله ولم يتعلّموا بين يديه وهم في الوقت ذاته مثل أصحابه من حيث الإيمان والعمل الصالح فهم أفضل من الصحابة... الثالثة: إنّ هذا الكلام من وجهة النظر التاريخية مقدوح فيه كثيراً لأنّ بعض الصحابة بعد زمان النّبي (ص) بل حتى في عصره حاد عن جادّة الصواب... فكيف يمكن أن نُبرّئ الذين أشعلوا نار فتنة "الجمل" وقتلوا ما قتلوا وحملوا على خليفة رسول الله حقّاً بالسيف ولا نعدّهم آثمين خاطئين... أو أن نقول إنّ الذين اجتمعوا في النهروان وصفّين وثاروا على وصي رسول الله وخليفته المنتخب من قبل المسلمين وسفكوا الدماء الغزيرة مشمولون برضوان الله ولا غبار عليهم من الذنب والإثم؟! وأعجب من ذلك كله أن يُعتذر - عن أولئك الذين أخطأواً كلّ هذه الأخطاء وفعلوا ما فعلوا - بأنّهم مجتهدون، والمجتهد معذور! هكذا وجّهوا الأمر!! وإذا أمكن أن توجّه أمثال هذه الذنوب الكبيرة على أنّها اجتهاد فلا مجال لملامة أي قاتل، ولا داعي لإقامة حدود الله في شأنه!! فلعلّه اجتهد فأخطأ!!... وبتعبير آخر: أنّه قد تقابلت في معركة الجمل وصفّين والنهروان طائفتان متحاربتان ومن المسلّم به قطعاً أنّهما لم تكونا جميعاً على الحق، لأنّ الجمع بين الضدّين محال، فمع هذا التقدير كيف يمكن القول بأنّ الطائفتين كلتيهما مشمولتان برضا الله، والمسألة لم تكن من المسائل العويصة الملتوية ولم يكن التمييز بين الحق والباطل صعباً ولا مشكلاً... فالجميع كانوا يعرفون أنّ علياً (ع) أمّا طبقاً لنص النّبي عليه أو بانتخاب المسلمين هو الخليفة الحق ومع هذا فقد واجهوه بالسيف، فكيف يُوجه هذا العمل عن طريق الإجتهاد؟ ولمَ لا يوجّهون قيام "أصحاب الردّة" في زمان أبي بكر عن طريق الإجتهاد وعدوّهم مرتدّين رسماً... غير أنّهم برّأوا أصحاب الجمل وصفّين والنهروان من أي ذنب وإثم!!؟ وعلى كلّ حال... يبدو أنّ مسألة "تنزيه الصحابة" بصورة مطلقة كانت حكماً سياسياً لتحفّظ جماعة بعد النّبي موقعها وتعوّل على هذا الحكم، وتصون نفسها من الإنتقاد... وهذا الموضوع لا ينسجم مع حكم العقل ولا مع التواريخ الإسلامية المسلّم بها... وما أحسن أن نحتكم في شأن أصحاب النّبي في الوقت الذي نجلّهم ونحترمهم ذاته - إلى معيار يقضي عليهم بالحق من خلال أعمالهم وعقائدهم عبر حياتهم من البداية حتى النهاية، ذلك المعيار الذي أفدناه من القرآن الكريم وذلك المعيار الذي وزن النّبي به صحابته... 2 - المحبّة الإسلامية المتبادلة في الروايات الإسلامية الواردة في تفسير الآية الأخيرة من سورة الفتح تأكيد لا مزيد عليه على قوله تعالى: (رحماء بينهم) ومن بين هذه الروايات ما نقرأه عن الإمام الصادق (ع): "المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يخذله ولا يخونه ويحقّ على المسلم الإجتهاد في التواصل والتعاون على التعاطف والمواساة لأهل الحاجة وتعاطف بعضهم على بعض، حتى تكونوا كما أمركم الله عزَّ وجلَّ رحماء بينكم متراحمين، مغتّمين لما غاب عنكم من أمرهم على ما مضى عليه معشر الأنصار على عهد رسول الله" (9). إلاّ أنّ العجيب أنّ المسلمين في هذا العصر لا يقتدون بتعاليم هذه الآية المؤثرة وما تنقله من خصائص أصحاب رسول الله والمؤمنين الصادقين، وربّما تحامل بعضهم على بعض وأثار الحفيظة وسفك الدماء وهو ما لم يفعله أعداء الإسلام أحياناً... وربّما ارتبطوا بالكفّار وأنشأوا علائق المحبّة حتى تظن أنّهم إخوان من أصل واحد ونسب واحد. فلا خبر عن الركوع والسجود ولا النيّات الخالصة ولا ابتغاء فضل الله ولا آثار السجود في سيماهم ولا الزرع الذي أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه!! والعجيب أيضاً... أنّه كلّما ابتعدنا عن الأصول القرآنية هذه منينا بالذل والنكبة أكثر فأكثر ومع ذلك لا نلتفت من أين نؤكل؟! وما تزال حميّة الجاهلية تصدّنا عن التفكير وإعادة النظر والعودة نحو القرآن... اللّهمَّ نبّهنا من نومة الغافلين!... اللّهمَّ وفّقنا أن نحيى فيها خلال أصحاب رسول الله وصفاتهم التي ذكرتها هذه الآيات البيّنات... اللّهمَّ ارزقنا الشدّة على أعدائنا والرحمة فيما بيننا والتسليم لأمرك، والإهتمام إلى ما توليه إيّانا من العنايات الخاصّة والجد والسعي إلى النهوض بالمجتمع الإسلامي إلى الخير والإزدهار. اللّهمَّ ارزقنا فتحاً مبيناً يتحرّك في ظلّه المجتمع الإسلامي وأن نوفّق إلى نشر تعاليم هذا الدين القويم الذي يهب الحياة للناس في هذا العصر الذي هو أحوج إلى المعنويات من أي وقت آخر، وأن نفتح كلّ يوم قلوباً جديدة إلى نور الإسلام... آمين يا ربّ العالمين انتهت سورة الفتح ﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ أصحابه الخلص ﴿أَشِدَّاء﴾ غلاظ ﴿عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء﴾ متعاطفون فيما ﴿بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا﴾ أي كثيري الصلاة ﴿يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ زيادة ثوابه ورضاه ﴿سِيمَاهُمْ﴾ علامتهم ﴿فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ﴾ وهي النور والبهاء أو الصفرة والذبول أو سمة تحدث في جباههم من تعفيرها ﴿ذَلِكَ﴾ الوصف المذكور ﴿مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ﴾ فراخه ﴿فَآزَرَهُ﴾ فقواه وأعانه ﴿فَاسْتَغْلَظَ﴾ صار غليظا ﴿فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ﴾ استقام على قصبته ﴿يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ﴾ لغلظه واستوائه وحسنه وجه الشبه أن النبي خرج وحده ثم كثروا وقووا على أحسن حال ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾ علة للتشبيه ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ أي ثبتوا على الإيمان والطاعة ﴿مِنْهُم مَّغْفِرَةً﴾ لذنوبهم ﴿وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾ هو الجنة.