الأوّل هو حكايته عنهم: (بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب).
وهذا إشكال طالما أشار إليه القرآن وردّ عليه، وتكرار هذا الإشكال يدلّ على أنّه من إشكالات الكفّار الأساسية التي كانوا يكرّروها دائماً!.
ولم يكن النّبي محمّد (ص) وحده قد أشكلوا عليه بهذا الإشكال، فالرسل أيضاً أشكلوا عليهم أيضاً بذلك بقولهم: (إن أنتم إلاّ بشر مثلنا تريدون أن تصدّونا عمّا كان يعبد آباؤنا).(2)
وكانوا يقولون أحياناً: (ما هذا إلاّ بشر مثلكم يأكل ممّا تأكلون منه ويشرب ممّا تشربون).(3)
وربّما أضافوا أحياناً (لولا أُنزل إليه ملك فيكون معه نذيراً).(4)
إلاّ أنّ جميع هذه الاُمور كانت حِججاً واهية وذريعة لعدم التسليم للحقّ.
والقرآن في هذه الآيات محلّ البحث لا يردّ على هذا الإشكال، لأنّه أجاب عليه مراراً، وهو إن أردنا أن نرسل ملكاً لجعلناه على صورة بشر ..
أي أنّ قادة الناس ينبغي أن يكونوا منهم فحسب ليكونوا قادرين على معرفة همومهم وآلامهم ورغباتهم وحاجاتهم ومسائل حياتهم، وليكونوا اُسوة لهم من الناحية العملية ولئلاّ يقولوا لو كانوا أمثالنا لما ظلّوا طاهرين أنقياء!
فمناهج الملائكة تتناسب معهم ولا تتناسب مع طموحات البشر وآلامهم:
﴿بَلْ عَجِبُوا أَن جَاءهُمْ مُنذِرٌ مِّنْهُمْ﴾ من جنسهم ينذرهم بالبعث والعذاب ﴿فَقَالَ الْكَافِرُونَ﴾ وضع الظاهر موضع ضمير هم تسجيلا عليهم بالكفر ﴿هَذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ﴾.