(تلك إذاً قسمة ضيزى)(2) فهذه قسمة غير عادلة بينكم وبين الله تعالى فعلام تجعلون نصيب الله دون نصيبكم؟!
وهكذا يتناول القرآن أفكارهم الخرافية مستهزئاً بها! ويقول لهم: إنّكم ترون البنت عاراً وذلّةً وتئدونها وهي حيّة في القبر، وفي الوقت ذاته تزعمون بأنّ الملائكة بنات الله، ولا تعبدون الملائكة من دون الله فحسب بل تصنعون لها التماثيل وتجعلون لها تلك القدسيّة! وتسجدون لها وتلتجئون إليها لحلّ مشاكلكم وتطلبون حوائجكم منها، وذلك مثار للسخرية والإستهزاء حقّاً!.
ومن هنا يبدو واضحاً أنّ العرب الجاهليين كانوا يعبدون بعض هذه الأصنام على الأقل على أنّها تماثيل الملائكة، الملائكة التي يسمّون كلاًّ منها بربّ النوع ومدير الوجود ومدبّره، وكانوا يرون أنّ الملائكة بنات الله!!
فحين تقرن هذه الخرافات إلى خرافة اُخرى وهي نظرتهم عن البنت فإنّ التضادّ العجيب الواقع بين هذه الخرافات بنفسه خير شاهد على سخافة هذه المعتقدات، وكم هو طريف أن يبطل القرآن جميع تلك الخرافات بعدّة جُمل قصيرة وموجزة ويفضحها ساخراً بها.
ومن هنا يتبيّن أنّ القرآن لا يقصد إمضاء ما كان عليه العرب من التفريق بين الذكر والاُنثى، بل يريد بيان ما هو مقبول ومسلّم عندهم (وهو منطق الجدل)، وإلاّ فلا فرق في نظر الإسلام ومنطقه بين الذكر والاُنثى من حيث القيمة الإنسانية، ولا الملائكة فيهم ذكر واُنثى، ولا هم بنات الله، وليس عند الله من ولد أساساً، فهذه إفتراضات لا أساس لها .. إلاّ أنّ هذا الردّ خير جواب لمن يعتقد بهذه الخرافات.
﴿تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾ جائرة إذ جعلتم له ما تكرهون ولكم ما تحبون.