التّفسير
كلّ شيء ينتهى إليه:
في هذه الآيات تتجلّى بعض صفات الله التي ترشد الإنسان إلى مسألة التوحيد وكذلك المعاد أيضاً.
ففي هذه الآيات وإكمالا للبحوث الواردة في شأن جزاء الأعمال يقول القرآن: (وأنّ إلى ربّك المنتهى).
وليس الحساب والثواب والجزاء في الآخرة بيد قدرته فحسب، فإنّ الأسباب والعلل جميعها تنتهي سلسلتها إلى ذاته المقدّسة، وجميع تدبيرات هذا العالم تنشأ من تدبيراته، وأخيراً فإنّ إبتداء هذا العالم والموجودات وإنتهاؤها كلّها منه وإليه، وتعود إلى ذاته المقدّسة.
ونقرأ في بعض الرّوايات في تفسير هذه الآية عن الإمام الصادق (ع) أنّه قال: "إذا انتهى الكلام إلى الله فأمسكوا"(1).
أي لا تتكلّموا في ذات الله فإنّ العقول تحار فيه ولا تصل إلى حدّ فإنّه لا يمكن للعقول المحدودة أن تفكّر في ما هو غير محدود لأنّه مهما فكّرت العقول فتفكيرها محدود وحاشا لله أن يكون محدوداً.
وبالطبع فإنّ هذا التّفسير يبيّن مفهوماً آخر لهذه الآية ولا ينافي ما ذكرناه آنفاً ويمكن الجمع بين المفهومين في الآية.
﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى﴾ انتهاء الخلق ومصيرهم وروي إذا بلغ الكلام إلى الله فأمسكوا.