ثمّ يضيف القرآن في الآية التالية قائلا: (وأنّه هو أغنى وأقنى) فالله سبحانه لم يرفع حاجات الإنسان المادية عنه بلطفه العميم فحسب، بل أولاه غنى يرفع عنه حاجاته المعنوية من اُمور التربية والتعليم والتكامل عن طريق إرسال الرسل إليه وإنزال الكتب السماوية وإعطائه المواهب العديدة.
"وأغنى": فعل مشتق من غني ومعناه عدم الحاجة.
"وأقنى": فعل مشتقّ من قنية على وزن جِزيَة، ومعناها الأموال التي يدّخرها الإنسان(4).
فيكون معنى الآية على هذا النحو: هو أغنى أي رفع الحاجات الفعلية، وأقنى معناه إيلاء المواهب التي تدخّر سواء في الاُمور المادية كالحائط أو البستان والأملاك وما شاكلها، أو الاُمور المعنوية كرضا الله سبحانه الذي يُعدّ أكبر "رأس مال" دائم!
وهناك تفسير آخر لأقنى، وهو أنّه ما يقابل أغنى، أي أنّ الغنى والفقر بيد قدرته، نظير ذلك ما جاء في الآية (26) من سورة الرعد: (الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدّر).
إلاّ أنّ هذا التّفسير لا ينسجم مع ما ورد عن "أقنى" من معنى في كتب اللغة والآية المذكورة في هذا الصدد لا يمكن أن تكون "شاهداً" على هذا التّفسير.
﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى﴾ بالكفاية بالأموال ﴿وَأَقْنَى﴾ أعطى القنية وهو مال المتأثل.