وفي الآية اللاحقة يبيّن الله سبحانه وتعالى توضيحاً أكثر حول هذا الموضوع ويذكر أنّ هؤلاء يخرجون من القبور في حالة: (خشعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنّهم جراد منتشر).
نسبة "الخشوع" هنا للأبصار لأنّ المشهد مرعب ومخيف إلى حدّ لا تستطيع الأنظار رؤيته، لذلك فإنّها تتحوّل عنه وتطرّق نحو الأسفل.
والتشبيه هنا بـ (الجراد المنتشر) لأنّ النشور في يوم الحشر يكون بصورة غير منتظمة لحالة الهول التي تعتري الناس فيه، كما هي حركة إنتشار الجراد التي تتمثّل فيها الفوضى والإضطراب خلافاً للقسم الأكبر من حركة الطيور التي تطير وفق نظم خاصّة في الجو، مضافاً إلى أنّهم كالجراد من حيث الضعف وعدم القدرة.
نعم، إنّ حالة هؤلاء الفاقدين للعلم والبصيرة، حالة ذهول ووحشة وتخبّط في المسير كالسكارى يرتطم بعضهم ببعض فاقدين للوعي والإرادة كما في قوله تعالى: (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى).(6)
والحقيقة أنّ هذا التشبيه هو ما ورد أيضاً في الآية (7) من سورة القارعة حيث يقول سبحانه: (يوم يكون الناس كالفراش المبثوث).
﴿خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ﴾ أي ذليلا وأفرد لظهور فاعله وذكر لعدم تأنيث حقيقي وقرىء خاشعا ﴿يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ﴾ القبور ﴿كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ﴾ في الكثرة والتموج والتفرق في كل جهة.