ثمّ يقول سبحانه وكنتيجة لهذه القصّة العظيمة موضع العظّة والإعتبار: (ولقد تركناها آية فهل من مدّكر).
والحقيقة أنّ كلّ ما كان يستحقّ الذكر في هذه القصّة قد قيل، وكلّما ينبغي للإنسان الواعي المتّعظ أن يدركه فهو موجود.
وإستناداً إلى هذا التّفسير المنسجم مع الآيات السابقة واللاحقة، فإنّ الضمير في (تركناها) يرجع إلى قصّة الطوفان وماضي نوح (ع) ومخالفيه.
ولكن البعض يرى أنّ المراد هو (سفينة نوح) لأنّها بقيت مدّة من الزمن شاخصة لأنظار العالم، وكلّما يراها أحد تتجسّد أمامه قصّة الطوفان الذي حلّ بقوم نوح (ع).
ومع علمنا بأنّ بقايا سفينة نوح (ع) كانت حتّى عصر الرّسول (ص) كما أنّ البعض من المعاصرين ادّعى رؤية بقاياها في جبال (آرارات) في القفقاز، عندئذ يمكن أن يكون المعنيان مقصودين في الآية الكريمة.
ولهذا فإنّ قصّة نوح (ع) كانت آية للعالمين، وكذا سفينته التي بقيت ردحاً من الزمن بين الناس(9).
﴿وَلَقَد تَّرَكْنَاهَا﴾ أي الفعلة والسفينة ﴿آيَةً﴾ عبرة مستمر خبرها ﴿فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ﴾ معتبر بها وأصله مدتكر قلبت التاء دالا وأدغمت فيها الدال.