التّفسير
حد الزاني والزانية:
سمّيت هذه السورة بالنّور لأنّ آية النور فيها من أهم آياتها، إضافة إِلى أنّ مضمونها يشعشع في جوانح الرجل والمرأة والأسرة والبشر عفّة وطهارة، وحرارة تقوى، ويعمر القلوب بالتوحيد والإِيمان بالمعاد والإِستجابة لدعوة النّبي(ص).
وأُولى آيات هذه السورة المباركة بمثابة إشارة إِلى مجمل بحوث السورة (سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون).
"سورة" كلمة مشتقّة من "السور" أي الجدار المرتفع، ثمّ أطلقت على الجدران التي تحيط بالمدن لحمايتها من مهاجمة الأعداء. وبما أنّ هذه الجدران كانت تعزل المدينة عن المنطقة المحيطة بها، فقد استعملت كلمة "سورة" تدريجياً في كل قطعة مفصولة عن شيء، ومنها استعملت لتعني قِسماً من القرآن. كما قال بعض اللغويين: إِنَّ "سورة" بناء جميل مرتفع، وهذه الكلمة تطلق أيضاً على قسم من بناء كبير، وتطلق السورة على أقسام القرآن المختلفة المفصولة بعضها عن بعض(1).
وعلى كل حال فإنّ هذه العبارة إشارة إِلى كون أحكام ومواضيع هذه السورة - من اعتقادات وآداب وأوامر إِلهية - ذات أهمّيّة فائقة، لأنّها كلها من الله.
وتؤكّد ذلك عبارة "فرضناها"، لأنّ "الفرض" يعني قطع الشي الصلب والتأثير فيه كما يقول الراغب في مفرداته.
وعبارة (آيات بينات) قد تكون إشارة إِلى الحقائق المنبعثة عن التوحيد والمبدأ والمعاد والنّبوة، التي تناولتها هذه السورة. وهي إزاء "فرضنا" التي تشير إِلى الأوامر الإِلهية والاحكام الشرعية التي بيّنتها هذه السورة. وبعباره أخرى: إحداها تشير إِلى الاعتقادات، والأُخرى إِلى الأحكام الشرعية.
ويحتمل أن تعني "الآيات البينات" الأدلة التي استندت إِليها هذه الأحكام الشرعية.
وعبارة (لعلكم تذكرون) تؤكّد أن جذور جميع الاعتقادات الصحيحة، وتعاليم الإِسلام التطبيقية، تكمن في فطرة البشر.
وعلى هذا الأساس فإن بيانها يعتبر نوعاً من التذكير.
﴿سُورَةٌ﴾ أي هذه سورة أو فيما أوحينا إليك سورة ﴿أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا﴾ فرضنا أحكامها التي فيها ﴿وَأَنزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ﴾ ظاهرات الدلالة ﴿لَّعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ تتعظون بها.