التّفسير
جنّتان بأوصاف عجيبة:
بعد بيان صفات جنّتي الخائفين وخصوصياتهما المتميّزة، وإستمراراً للبحث ينتقل الحديث في الآيات التالية عن جنّتين بمرتبة أدنى من السابقتين يكونان لأشخاص أقلّ خوفاً وإيماناً بالله تعالى من الفئة الاُولى، حيث إنّ هدف العرض هو بيان سلسلة درجات ومراتب للجنان تتناسب مع الإيمان والعمل الصالح للأفراد.
يقول سبحانه في البداية: (ومن دونهما جنّتان).
ذكر تفسير أنّ لهذه الآية الأوّل: أحدهما ما بيّناه أعلاه.
والتّفسير الآخر هو أنّه توجد جنّتان اُخريان غير تلكما الجنّتين لهؤلاء
الأشخاص أنفسهم حيث يتجوّلون ويتنقّلون بين حدائق هذه الجنان، لأنّ طبع الإنسان ميّال للتنوّع والتبدّل.
وبالنظر إلى لحن هذه الآيات والرّوايات التي وردت في تفسيرها فانّ التّفسير الأوّل هو الأنسب.
ونقرأ حديثاً للرسول (ص) في تفسير هذه الآية أنّه قال: "وجنّتان من فضّة آنيتهما وما فيهما، جنّتان من ذهب آنيتهما وما فيهما" (أنّ التعبير بالذهب والفضّة يمكن أن يكون كناية عن إختلاف مرتبة ودرجة كلّ من الجنّتين)(1).
ونقرأ في حديث للإمام الصادق (ع) في تفسير هذه الآية قال: "لا تقولنّ الجنّة الواحدة، إنّ الله تعالى يقول: "ومن دونهما جنّتان"، ولا تقولنّ درجة واحدة، إنّ لله تعالى يقول "درجات بعضها فوق بعض" إنّما تفاضل القوم بالأعمال"(2).
وفي نفس الموضوع ورد حديث للرسول محمّد (ص): "جنّتان من ذهب للمقرّبين، وجنّتان من ورق لأصحاب اليمين"(3) أي من فضّة.
﴿وَمِن دُونِهِمَا﴾ دون الجنتين المذكورين للخائفين المقربين ﴿جَنَّتَانِ﴾ لمن دونهم من أصحاب اليمين.