وأخيراً يصف المجموعة الثالثة أيضاً بقوله سبحانه: (والسابقون السابقون(2)اُولئك المقرّبون).
(السابقون) ليسوا الذين سبقوا غيرهم بالإيمان فحسب، بل في أعمال الخير والأخلاق والإخلاص، فهم اُسوة وقدوة وقادة للناس، ولهذا السبب فهم من المقرّبين إلى الحضرة الإلهيّة.
وبناءً على هذا، فما نرى من تفسير أسبقية السابقين بالسبق في طاعة الله، أو أداء الصلوات الخمس، أو الجهاد والهجرة والتوبة فإنّ كلّ واحد من هذه التفاسير تمثّل جانباً من هذا المفهوم الواسع، وإلاّ فإنّ هذه الكلمة (السابقون) تشمل جميع هذه الأعمال، والطاعات وغيرها.
وإذا فسّرت (السابقون) كما في بعض الرّوايات الإسلامية بأنّها تعني الأشخاص الأربعة وهم "هابيل"، و "مؤمن آل فرعون"، و "حبيب النجّار" الذين تميّز كلّ منهم بأسبقيته في قومه، وكذلك "أمير المؤمنين" (ع) الذي هو أوّل من دخل في الإسلام من الرجال، فإنّ هذا التّفسير في الحقيقة هو بيان للمصاديق الواضحة، وليس تحديداً لمفهوم الآية(7).
وجاء في حديث آخر أنّ رسول الله (ص) قال: "أتدرون من السابقون إلى ظلّ الله في يوم القيامة؟ فقال أصحابه: الله ورسوله أعلم، قال (ص): (الذين إذا أعطوا الحقّ قبلوه، وإذا سألوه بذلوه، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم"(8).
وجاء في بعض الرّوايات أيضاً أنّ المقصود بـ (السابقون) هم الأنبياء المرسلون وغير المرسلين(9).
"ونقرأ في حديث لابن عبّاس أنّه قال: "سألت رسول الله حول هذه الآية فقال: "هكذا أخبرني جبرائيل، ذلك علي وشيعته هم السابقون إلى الجنّة، المقرّبون من الله لكرامته لهم"(10).
وكما تقدّم إنّه بيان للمصاديق الواضحة من المفهوم الذي ذكر أعلاه، الذي يشمل جميع (السابقين) في كلّ الاُمم والشعوب.
﴿وَالسَّابِقُونَ﴾ إلى ما دعا الله إليه هم ﴿السَّابِقُونَ﴾ الذين عرفت حالهم وبلغك نعتهم أو الذين سبقوا إلى الجنة.