التّفسير
الجنّة بإنتظار المقرّبين:
هذه الآيات تتحدّث عن أنواع نعم الجنّة التي أعدّها الله سبحانه للقسم الثالث من عباده المقرّبين، والتي كلّ واحدة منها أعظم من اُختها وأكرم .. وقد لخّصت هذه النعم بسبعة أقسام:
يقول تعالى في البداية: (على سرر موضونة متكئين عليها متقابلين).
"سرر" جمع سرير من مادّة (سرور) بمعنى التخت الذي يجلس عليه المنعّمين في مجالس الاُنس والسرور(1).
(موضون) من مادّة (وضن) على وزن (وزن) وهي في الأصل بمعنى نسج الدرع، ثمّ اُطلقت على كلّ منسوج محكم الخيوط والنسيج.
والمقصود هنا هي الأسرة الموضوعة جنباً إلى جنب بصورة متراصّة.
أو أنّ لهذه الأسرة حياكة مخصوصة من اللؤلؤ والياقوت وما إلى ذلك، كما قال بعض المفسّرين.
وعلى كلّ حال، فإنّ بناء هذه الأسرة وكيفية وضعها، ومجلس الاُنس الذي يتشكّل عليها، وأجواء السرور والفرح التي تغمرها، لا نستطيع وصفه بأي بيان.
ونلاحظ إستمرار الأوصاف الرائعة في القرآن الكريم لسرر الجنّة، ومجالس أهلها، ومنتديات أحبّتها ممّا يدلّ على أنّ من أهم نعم وملذّات هؤلاء هي جلسات الاُنس هذه .. أمّا أحاديثهم وما يدور في حفلاتهم فليس هنالك أحد يعلم حقيقتها، فهل هي عن أسرار الخلق وعجائب الكون؟ أو عن اُصول المعرفة وأسماء الله وصفاته الحسنى؟ أو عن الحوادث التي حدثت في هذا العالم؟ أو عن الراحة التي هم عليها بعد التعب والعناء؟ أو عن اُمور اُخرى لا نستطيع إدراكها ... ؟ هذا هو سرّ لا يعلمه إلاّ الله.
﴿مُتَّكِئِينَ عَلَيْهَا مُتَقَابِلِينَ﴾.