ثمّ يتحدث سبحانه عن نعمة اُخرى لهم حيث يقول: (يطوف عليهم ولدان مخلّدون).
التعبير بـ "يطوف" من مادّة (طواف) إشارة إلى إستمرار خدمة هؤلاء (الطوافين) لضيوفهم.
والتعبير بـ "مخلّدون" إشارة إلى خلود شبابهم ونشاطهم وجمالهم وطراوتهم، والأصل أنّ جميع أهل الجنّة مخلّدون وباقون.
أمّا من هم هؤلاء الولدان؟
قال البعض: إنّهم أبناء البشر من هذه الدنيا الذين توفّوا قبل البلوغ، وصحيفة أعمالهم بيضاء لم تدنّس بعد، فقد بلغوا هذه المرتبة بلطف الله سبحانه، وخدمتهم للمقرّبين تقترن بإرتياح عظيم ورغبة عميقة ولذّة من أفضل اللذّات، لأنّهم في خدمة المقرّبين من الحضرة الإلهيّة.
وقد ورد في هذا المعنى حديث للإمام علي (ع).
إلاّ أنّنا نقرأ في تفسير آخر أنّهم أطفال المشركين ولأنّهم لم يرتكبوا ذنباً فقد حصلوا على هذه المرتبة; وأطفال المؤمنين يلتحقون بآبائهم واُمّهاتهم.
ونقرأ في تفسير ثالث أنّهم خدّام الجنّة، حيث إنّ الله سبحانه قد أعدّهم لهذه المهمّة بشكل خاصّ.
ويضيف القرآن أنّ هؤلاء الولدان يقدّمون لأصحاب الجنّة أقداح الخمر وكؤوس الشراب المأخوذ من أنهار الجنّة (بأكواب وأباريق وكأس من معين)(2)وشرابهم هذا ليس من النوع الذي يأخذ لباب العقل والفكر، حيث يقول تعالى: (لا يصدّعون عنها ولا ينزفون)(3).
إنّ الحالة التي تنتابهم من النشوة الروحية حين تناولهم لهذا الشراب لا يمكن أن توصف، إذ تغمر كلّ وجودهم بلذّة ليس لها مثيل.
﴿يَطُوفُ عَلَيْهِمْ﴾ للخدمة ﴿وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ﴾ مبقون على صفة الولدان لا يهرمون.