ويوجد تفسيران لجملة (على أن نبدّل أمثالكم).
الأوّل: هو نفس التّفسير المذكور أعلاه، والذي هو المشهور بين المفسّرين، وطبقاً لهذا الرأي تكون عملية تبديل الأقوام في هذه الدنيا.
والثاني هو: أنّ المقصود من (أمثال) هم نفس البشر الذين يبعثون في يوم القيامة، والتعبير بـ (مثل) لأنّ الإنسان لا يبعث مرّة اُخرى بكلّ خصوصياته التي كان عليها، إذ أنّه سيكون في وقت جديد وكيفيات جديدة من حيث الروح والجسم.
إلاّ أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب حسب الظاهر.
وعلى كلّ حال، فإنّ الهدف هو الإستدلال على المعاد من خلال مسألة الموت، ويمكن توضيح الدليل بالصورة التالية: إنّ الله الحكيم الذي خلق الإنسان وقدّر له الموت فطائفة يموتون وآخرين يولدون بإستمرار، من البديهي أنّ له هدف.
فإذا كانت الحياة الدنيا هي الهدف فالمناسب أن يكون عمر الإنسان خالداً وليس بهذا المقدار القصير المقترن مع ألوان الآلام والمشاكل.
وسنّة الموت تشهد أنّ الدنيا معبّراً وليست منزلا وأنّها جسر وليست مقصداً، لأنّها لو كانت مستقرّاً ومقصداً للزم أن تدوم الحياة فيها.
جملة (وننشئكم فيما لا تعلمون) ظاهراً إشارة إلى خلق الإنسان يوم القيامة، والتي هي الهدف لحياة وفناء هذه الدنيا، ومن البديهي لأي شخص لم يرَ الدار الآخرة أنّه لن يستطيع إدراكها ومعرفة قوانينها والأنظمة المسيطرة عليها من خلال الألفاظ والصور التي تنقل لنا عنها، نعم إنّنا نستطيع أن نرى شبحها وظلالها فقط من التصوير اللفظي لها، ولذا فإنّ الآية أعلاه تعكس هذه الحقيقة، حيث تذكر أنّ الله سيخلقنا في عالم جديد وبأشكال وظروف جديدة لا ندرك أسرارها(7).
﴿عَلَى أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ﴾ نجعل مكانكم خلقا أشباهكم أو نبدل صفاتكم على أن أمثالكم جمع مثل محركا ﴿وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ من الصور كالقردة والخنازير.