وأخيراً - ولإكمال البحث في الآية اللاحقة - يقول سبحانه: (لو نشاء جعلناه اُجاجاً فلولا تشكرون)(2).
نعم، لو أراد الله تعالى، للأملاح المذابة في مياه البحار أن تتبخّر مع ذرّات الماء، وتصعد إلى السماء معها وتشكّل غيوماً مالحة ومرّة، وتنزل قطرات المطر مالحة مرّة أيضاً كمياه البحر، فهل هنالك من قوّة تمنعه؟ ولكنّه بقدرته الكاملة لم يسمح للأملاح بذلك، ولا للمكروبات - أيضاً - أن تصعد إلى السماء مع بخار الماء، ولهذا فإنّ قطرات المطر عندما يكون الجوّ غير ملوّث تعتبر أنقى وأطهر وأعذب المياه.
"اُجاج": من مادّة (أجّ) على وزن (حجّ) وقد أخذت في الأصل من "أجيج النار" يعني إشتعالها وإحتراقها، ويقال "اُجاج" للمياه التي تحرق الفمّ عند شربها لشدّة ملوحتها ومرارتها وحرارتها.
نختتم حديثنا هذا بحديث لرسول الله (ص) حيث ذكر الرواة أنّ النّبي كان إذا شرب الماء قال: "الحمد لله الذي سقانا عذباً فراتاً برحمته، ولم يجعله ملحاً اُجاجاً بذنوبنا"(3).
﴿لَوْ نَشَاء جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا﴾ ملحا ﴿فَلَوْلَا﴾ فهلا ﴿تَشْكُرُونَ﴾ هذه النعمة.