لا يوجد اتصال بالانترنت !
ستتم اعادة المحاولة بعد 10 ثواني ...
جاري التحميل ...
وفي نهاية هذا الحديث يضيف سبحانه: (إنّ هذا لهو حقّ اليقين فسبّح باسم ربّك العظيم). والمعروف بين المفسّرين أنّ "حقّ اليقين" من قبيل الإضافة البيانية، يعني أنّ الذي تقدّم ذكره حول الأقسام الثلاثة وهم (المقرّبون وأصحاب اليمين والمكذّبون) فهو عين الحقيقة والحقّ واليقين. وهنا يوجد إحتمال أيضاً وهو: بما أنّ لليقين درجات متعدّدة، فإنّ أعلى مرحلة له هي (حقّ اليقين) أي يقين واقعي كامل وخال من كلّ شكّ وشبهة وريب(10). وممّا قلنا يتّضح أنّ (هذا) في هذه الآية إشارة إلى أحوال الأقسام الثلاثة الآنفة الذكر، كما إحتمل البعض أيضاً أنّها إشارة إلى كلّ محتويات سورة الواقعة أو القرآن أجمع، إلاّ أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب. وهنا نقطة جديرة بالذكر أيضاً وهي أنّ التعبير بـ (فسبّح) - الفاء تفريعيّة - هو إشارة إلى أنّ ما قيل حول الأقسام الثلاثة هو عين العدالة، وبناءً على هذا إعتبر (ربّك) منزّهاً من كلّ ظلم، وإذا ما اُريد الإبتعاد عن مصير أصحاب الشمال فعلينا أن نتنزّه من كلّ شرك وظلم المتلازمان مع إنكار القيامة. ونقل كثير من المفسّرين حول نهاية آخر الآية بعد ما نزلت على الرّسول (ص) أنّه قال: "اجعلوها في ركوعكم" (أي قولوا: سبحان ربّي العظيم) وعندما نزلت: سبّح (اسم ربّك الأعلى) قال (ص): "اجعلوها في سجودكم"، أي قولوا: سبحان ربّي الأعلى(11). وفي تفسير الآية 74 من نفس السورة نقلنا ما هو شبيه بهذه الرّواية عن بعض المفسّرين. تعقيب عالم البرزخ: أشارت الآيات أعلاه إلى عالم البرزخ، وقد بيّنا عند تفسيرها أنّ الإنسان - في حالة إحتضاره وهو على مشارف الموت يتهيّأ للإنتقال من دار الدنيا إلى عالم الآخرة - سيواجه واحدة من هذه الحالات، أمّا النعم والهبات الإلهيّة والجزاء الربّاني بـ الروح والريحان، أو العقاب والجزاء المؤلم، والعاقبة البائسة. كما أنّ القرائن الموجودة في الآيات ترينا أنّ قسماً ممّا يثاب به أو يعاقب عليه مرتبط بيوم القيامة، والقسم الآخر مرتبط بالقبر والبرزخ، ويعدّ هذا دليلا على وجود عالم البرزخ. وفي حديث لرسول الله (ص) نقرأ ما يلي: "إنّ أوّل ما يبشّر به المؤمن عند الوفاة بروح وريحان وجنّة نعيم، وإنّ أوّل ما يبشّر به المؤمن في قبره أن يقال له: أبشر برضا الله تعالى والجنّة قدمت خير مقدم، وقد غفر الله لمن يشيّعك إلى قبرك، وصدّق من شهد لك، واستجاب لمن إستغفر لك"(12). وفي حديث آخر عن أمير المؤمنين أنّه قال: "إنّ ابن آدم إذا كان في آخر يوم من أيّام الدنيا وأوّل يوم من أيّام الآخرة، مَثُلَ له ماله وولده وعمله فيلتفت إلى عمله فيقول: والله إنّي كنت فيك لزاهد، وإن كنت عليّ لثقيلا، فماذا عندك؟ فيقول: أنا قرينك في قبرك، ويوم نشرك حتّى أعرض أنا وأنت على ربّك، قال: فإن كان لله وليّاً أتاه أطيب الناس ريحاً، وأحسنهم منظراً، وأحسنهم رياشاً، فيقول: أبشر بروح وريحان، وجنّة نعيم، ومقدمك خير مقدم، فيقول له: من أنت؟ فيقول: أنا عملك الصالح، ارتحل من الدنيا إلى الجنّة"(13). (14) (15) وقد سبق لنا بحث مفصّل حول عالم البرزخ في نهاية الآية (100) من سورة (المؤمنون). اللهمّ، إجعلنا في صفّ المقرّبين وأصحاب اليمين، وخاصّة أوليائك وأحبّتك، واشملنا بروح وريحان وجنّة نعيم عند مشارف الموت. اللهمّ، إنّ عذاب الحشر عذاب أليم لا يطيقه أحد، وثوابك الاُخروي عظيم لا يستوجبه أي شخص بأعماله، وإنّ رأسمالنا في ذلك اليوم هو لطفك وكرمك ياكريم. إلهي، أيقظنا قبل وصول القيامة الكبرى والقيامة الصغرى - والذي هو الموت - لنعدّ أنفسنا للسفر العظيم الذي يواجهنا .. آمين يا ربّ العالمين نهاية سورة الواقعة ﴿إِنَّ هَذَا﴾ المذكور في السورة ﴿لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ من إضافة الموصوف إلى صفته