وبعد ذكر صفتين من صفات الذات الإلهية يعني (العزّة والحكمة) يتطرّق إلى (مالكيّته وتدبيره، وقدرته في عالم الوجود) والتي هي من مستلزمات القدرة والحكمة، حيث يقول تعالى: (له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت وهو على كلّ شيء قدير).
إنّ مالكية الله عزّوجلّ لعالم الوجود ليست مالكية إعتبارية وتشريعية، إذ أنّها مالكية حقيقيّة وتكوينيّة.
وهذا يعني أنّ الله سبحانه محيط بكلّ شيء، وأنّ جميع العالم في قبضته وقدرته وتحت إرادته وأوامره، لذا فقد جاء الحديث بعد هذا الكلام عن (الإحياء والإفناء) والقدرة على كلّ شيء.
إلى هنا ذُكرت في الآيتين الآنفتين ستّة أوصاف من صفاته الكريمة.
الإختلاف بين "العزّة" و "القدرة" هو أنّ العزّة أكثر دلالة على تحطيم المقابل والقدرة تعني توفير الأسباب وإيجادها. وبناءً على هذا فإنّهما يعدّان وصفين مختلفين بالرغم من أنّهما مشتركان في أصل القدرة (يرجى ملاحظة ذلك).
مسألة (الإحياء والإماتة) قد ذكرت في آيات عديدة في القرآن الكريم، وفي الواقع انّهما من الموضوعات التي لم تتوضّح أسرارهما المعقّدة لأي شخص، كما لا يوجد شخص يعلم - بوضوح - حقيقة الحياة ولا حقيقة الموت، إلاّ أنّ الذي نعلمه عنهما هو آثارهما.
والعجيب أنّ الحياة أقرب شيء لنا ولكنّنا لا نعرف أي شيء عن حقيقتها وأسرارها.
والنقطة الجديرة بالملاحظة هنا أنّ جملة (يحيي ويميت) جاءت بصورة فعل مضارع ممّا يدلّل على إستمرار مسألة الحياة والموت على طول الأزمنة، وإطلاق هذين المعنيين لا يشمل حياة وموت الإنسان في هذا العالم فقط، بل يشمل كلّ حياة وممات بدءاً من الملائكة وإنتهاءاً بكلّ موجود حيّ من الحيوانات والنباتات المختلفة، كما أنّها لا تقتصر على الحياة الدنيا فقط، بل تشمل حياة البرزخ والقيامة أيضاً.
نعم، إنّ الموت والحياة بكلّ أشكالها بيد القدرة الإلهية المتعالية.
﴿لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾.