ولأنّ إحياء القلوب الميتة لا يكون إلاّ بالذكر الإلهي، الحياة الروحية التي لن تكون إلاّ بظلّ الخشوع والخضوع وخاصّة في أجواء القرآن الكريم ...لذا فإنّ القرآن يشبّه عملية إحياء القلوب الميتة بإحياء الأراضي الميتة، فكما أنّ هذه تحيا ببركة نزول الأمطار كذلك فإنّ القلوب تحيا بذكر الله سبحانه...حيث يضيف سبحانه في الآية اللاحقة: (اعلموا أنّ الله يحيي الأرض بعد موتها قد بيّنا لكم الآيات لعلّكم تعقلون).
هذه الآية تشير إلى إحياء الأراضي بوسيلة المطر، كذلك فإنّ إحياء القلوب الميتة يكون بواسطة ذكر الله وقراءة القرآن المجيد الذي نزل من سماء الوحي على القلب الطاهر للنبي محمّد (ص) وكلاهما جديران بالتدبّر والتعقّل، لذا اُشير في الروايات السابقة إلى كليهما.
ونقرأ في حديث للإمام الصادق (ع) في تفسيره لهذه الآية أنّه قال: "العدل بعد الجور"(6).
كما نقرأ في حديث عن الإمام الباقر (ع) في تفسيره للآية: (اعلموا أنّ الله يحيي الأرض بعد موتها) قال: "يحيي الله تعالى الأرض بالقائم بعد موتها، يعني بموتها كفر أهلها، والكافر ميّت"(7).
ومن الواضح أنّ هذه التفاسير في الحقيقة هي بيان لمصاديقها البارزة، ولا تحدّ من مفهوم الآية أبداً.
وجاء في حديث آخر عن الإمام الكاظم (ع): "فإنّ الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر"(8).
﴿اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ تذكير بالبعث حثا على الخشوع وزجرا عن القسوة أو تمثيلا لإحياء الذكر للقلوب الميتة بالقسوة ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ تتأملوها بقلوبكم.