ثمّ للتوضيح الأكثر حول بيان سمات وصفات المنافقين يقول سبحانه: (اتّخذوا أيمانهم جنّة فصدّوا عن سبيل الله)(3).
يحلفون أنّهم مسلمون وليس لهم هدف سوى الإصلاح، في حين أنّهم منهمكون بفسادهم وتخريبهم ومؤامراتهم... وفي الحقيقة فإنّهم يستفيدون من الإسم المقدّس لله للصدّ والمنع عن سبيل الله تعالى... نعم، إنّ الحلف الكاذب هو أحد علائم المنافقين، حيث ذكره سبحانه أيضاً في سورة المنافقين الآية (رقم 2) في معرض بيان أوصافهم.
ويضيف تعالى في النهاية: (فلهم عذاب مهين) أي مذلّ.
إنّهم أرادوا بحلفهم الكاذب تحسين سمعتهم وتجميل صورتهم، إلاّ أنّ الله سيبتليهم بعذاب أليم مذلّ، وقبل ذلك عبّر عنه سبحانه بأنّه "عذاب شديد"، كما في الآية (15) من هذه السورة، لأنّهم يحزنون قلوب المؤمنين بشدّة.
والظاهر أنّ كلا العذابين مرتبط بالآخرة، لأنّهما ذكرا بوصفين مختلفين: (مهين وشديد) فليسا تكراراً، لأنّ وصف العذاب بهذين الوصفين في القرآن الكريم يأتي عادةً لعذاب الآخرة، بالرغم من أنّ بعض المفسّرين احتملوا أنّ العذاب الأوّل مختّص بالدنيا أو عذاب القبر، وأنّ الثاني مختّص بعذاب الآخرة.
﴿اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ﴾ الكاذبة ﴿جُنَّةً﴾ سترا لأموالهم وأنفسهم ﴿فَصَدُّوا﴾ الناس ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ عن دينه بالتثبيط ﴿فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ تكريرا بتغيير وصف العذاب وقيل الأول في القبر وهذا في الآخرة.