سبب النّزول:
ذكر المفسّرون أسباباً عديدة لنزول الآية الشريفة: (لِمَ تقولون ما لا تفعلون)بتفاوت يسير فيما ذكروه، وممّا جاء في أقوالهم ما يلي:
1 - أنّ الآية الكريمة نزلت في جماعة من المؤمنين كانوا يقولون: إذا لقينا العدوّ لن نفرّ ولن نرجع عنهم، إلاّ أنّهم لم يفوا بما قالوا يوم "اُحد" حتّى شجّ وجه الرّسول (ص) وكسرت رباعيته المباركة.
2 - بعد بيان الباريء عزّوجلّ الثواب العظيم لشهداء بدر، قال بعض الصحابة: ما دام الأجر هكذا فإنّنا سوف لن نفرّ في الغزوات المقبلة، إلاّ أنّهم فرّوا في غزوة اُحد، فنزلت الآية أعلاه موبّخة لهم.
3 - دعا بعض المؤمنين قبل نزول حكم الجهاد أن يرشدهم الله إلى أفضل الأعمال ليعملوا بها ولم يمض وقت طويل حتّى أخبرهم الله سبحانه بأنّ (أفضل الأعمال الإيمان الخالص والجهاد في سبيله) إلاّ أنّهم لم يتفاعلوا مع هذا التوجيه، وتعلّلوا فنزلت الآية تلومهم وتوبّخهم على موقفهم هذا(1).
التّفسير:
المقاتلون المؤمنون صفّ حديدي منيع:
إعتبرت هذه السورة من السور المسبّحات، ذلك لأنّها تبدأ بتسبيح الله في بدايتها: (سبّح لله ما في السموات وما في الأرض)(2).
ولِمَ لا يسبّحونه ولا ينزّهونه من كلّ عيب ونقص: (وهو العزيز الحكيم)القدير الذي لا يقهر والحكيم المحيط بكلّ شيء علماً.
إنّ الإلتفات إلى مسألة التسبيح العامّ للكائنات، الذي يتمّ بلسان الحال والقال، وكذلك النظام المدهش العجيب الحاكم فيها والذي هو أفضل دليل على وجود خالق عزيز حكيم... من شأنه تمكين اُسس الإيمان في القلوب، ومن شأنه أيضاً تمهيد الطريق لأمر الجهاد.
﴿سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ فسر.