ومن أجل أن لا يبقى هناك أي إبهام أو التباس قال تعالى: (سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إنّ الله لا يهدي القوم الفاسقين).
بعبارة اُخرى: إنّ استغفار النبي ليس علّة تامّة للمغفرة، بل هي مقتض تؤثّر حينما تكون الأرضية مهيّأة، أي عندما يتوبون بصدق وإخلاص ويتّخذون طريقاً آخر، ويهجرون الكذب والغرور، ويستسلمون للحقّ، هنالك يؤثّر استغفار الرّسول وتقبل شفاعته.
وعبّرت الآية (80) من سورة التوبة بما يشبه ذلك حينما وصفت قسماً آخر من أهل النفاق، إذ قال تعالى: (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرّة فلن يغفر الله لهم ذلك بأنّهم كفروا بالله ورسوله والله لا يهدي القوم الفاسقين).
ومن الواضح أنّ العدد (سبعين) ليس هو المقصود، بل المقصود أنّ الله لن يغفر لهم مهما استغفر لهم الرّسول (ص).
وليس كلّ المذنبين من الفسّاق، فقد جاء الرّسول (ص) لإنقاذ المذنبين، فالمقصود إذن هم تلك المجموعة من الفسّاق أو المذنبين الذين يصرّون على ذنوبهم ويركبون رؤوسهم.
﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ﴾ لإصرارهم على كفرهم ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ لا يلطف بهم لعدم نفع اللطف فيهم.