ويضيف في آخر آية من هذه الآيات بأنّ الكافرين حينما يرون العذاب والوعد الإلهي من قريب تسودّ وجوههم: (فلمّا رأوه زلفةً سيئت وجوه الذين كفروا) فسيماهم طافحة بآثار الحزن والندم (وقيل هذا اليوم الذي كنتم به تدعون).
"تدعون" من مادّة (دعاء) يعني أنّكم كنتم تدعون وتطلبون دائماً أن يجيء يوم القيامة، وها هو قد حان موعده، ولا سبيل للفرار منه(166).
وهذا المضمون يشبه ما جاء في قوله تعالى مخاطباً الكفّار في يوم القيامة: (هذا الذي كنتم به تستعجلون)(167).
وعلى كلّ حال، فإنّ الآية الشريفة ناظرة إلى عذاب يوم القيامة كما ذهب إليه أغلب المفسّرين، وهذا دليل على أنّ جملة (متى هذا الوعد) إشارة إلى موعد يوم القيامة.
يقول الحاكم أبو القاسم الحسكاني: عندما شاهد الكفّار شأن ومقام الإمام علي (ع) عند الله تعالى.
اسودّت وجوههم (من شدّة الغضب)(168).
ونقل هذا المعنى أيضاً في حديث عن الإمام الباقر (ع) أنّ هذه الآية نزلت بحقّ أمير المؤمنين علي (ع) وأصحابه(169).
وهذا التّفسير نقل عن طرق الشيعة وأهل السنّة، وهو نوع من التطبيق المصداقي، وإلاّ فإنّ هذه الآية تناولت موضوع (القيامة) ومثل هذه التطبيقات ليست قليلة في عالم الروايات
﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ﴾ أي الموعود ﴿زُلْفَةً﴾ ذا زلفة أي قريبا ﴿سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ قبحت واسودت ﴿وَقِيلَ﴾ قال لهم الخزنة ﴿هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ﴾ تطلبون وتستعجلون من الدعاء أو بإنذاره تدعون أن لا بعث من الدعوى.