وأخيراً يشير إلى ثامن وتاسع صفة لهم حيث يقول تعالى: (عتل بعد ذلك زنيم).
"عتل" كما يقول الراغب في المفردات: تطلق على الشخص الذي يأكل كثيراً ويحاول أن يستحوذ على كلّ شيء، ويمنع الآخرين منه.
وفسّر البعض الآخر كلمة (عتلّ) بمعنى الإنسان السيء الطبع والخُلُق، الذي تتمثّل فيه الخشونة والحقد، أو الإنسان سيء الخُلُق عديم الحياء.
"زنيم" تطلق على الشخص المجهول النسب، والذي ينتسب لقوم لا نسبة له معهم، وهي في الأصل من (زنمة)، (على وزن عظمة) وتقال للجزء المتدلّي من اُذن الغنم، فكأنّها ليست من الاُذن مع أنّها متصلة بها.
والتعبير بشكل عام إشارة إلى أنّ هاتين الصفتين هما أشدّ قبحاً وضعة من الصفات السابقة كما استفاد ذلك بعض المفسّرين.
وخلاصة البحث أنّ الله تعالى قد أوضح السمات الأساسية للمكذّبين، وبيّن صفاتهم القبيحة وأخلاقهم الذميمة بشكل لا نظير له في القرآن بأجمعه، وبهذه الصورة يوضّح لنا أنّ الأشخاص الذين وقفوا بوجه الإسلام والقرآن، وعارضوا الرّسول الكريم (ص) كانوا من أخسّ الناس وأكثرهم كذباً وإنحطاطاً وخسّة، فهم يتتبعون عيوب الآخرين، نمّامون، معتدون، آثمون، ليس لهم أصل ونسب، وفي الحقيقة أنّنا لا نتوقّع أن يقف بوجه النور الرسالي إلاّ أمثال هؤلاء الأشرار.
(عُتُلٍّ﴾ جاف غليظ ﴿بَعْدَ ذَلِكَ﴾ المعدود من صفاته ﴿زَنِيمٍ﴾ دعي قيل هو الوليد بن مغيرة ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة.