وقالوا: (أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين).
"(أغدوا" من مادّة (غدوة) بمعنى بداية اليوم، ولذا يقال للغذاء الذي يؤكل في أوّل اليوم - وجبة الإفطار - غداء، بالرغم من أنّ (غداء) تقال في التعابير المستعملة حالياً لوجبة الأكل المتناولة في وقت الظهر.
وعلى ضوء المقدّمات السابقة: (فانطلقوا وهم يتخافتون).
لقد كانوا يتكلّمون بهدوء حتّى لا يصل صوتهم إلى الآخرين، ولا يسمعهم مسكين، ويأتي لمشاركتهم في عملية جني الثمر أو تناول شيء من الفاكهة.
ويرتقب الفقراء يوم الحصاد بفارغ الصبر في مثل هذه الأيّام، لأنّهم تعوّدوا في كلّ سنة أن ينالهم شيء من الفاكهة كما كان يفعل ذلك الشيخ المؤمن، إلاّ أنّ تصميم الأبناء البخلاء على حرمان الفقراء من العطاء، والسريّة التي غلفوا بها تحرّكاتهم، لم تدع أحداً يتوقّع أنّ وقت الحصاد قد حان... حيث يطّلع الفقراء على الأمر بعد إنتهائه، وبهذا تكون النتيجة: (وغدوا على حرد قادرين).
"حرد" على وزن "فرد" بمعنى الممانعة التي تكون توأماً مع الشدّة والغضب، نعم إنّهم كانوا في حالة عصبية وإنفعالية من حاجة الفقراء لهم وإنتظار عطاياهم، ولذا كان القرار بتصميم أكيد على منعهم من ذلك.
وتطلق كلمة (حرد) أيضاً على السنوات التي ينقطع فيها المطر، وعلى الناقة التي ينقطع حليبها.
﴿وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ﴾ منع للفقراء صلة ﴿قَادِرِينَ﴾ أي لا يقدرون إلا عليه لذهاب ثمرهم يعني لما أرادوا نكد الفقراء نكد عليهم بحيث لا يقدرون على غير النكد أو على غضب بعضهم لبعض.