وتستيقظ ضمائرهم في تلك اللحظة ويعترفون بخطئهم وذنوبهم و (قالوا سبحان ربّنا إنّا كنّا ظالمين).
إنّ التعبير بـ (أوسطهم) في الآية السابقة يمكن أن يكون بلحاظ حدّ الإعتدال في العقل والفكر والعلم وقيل: إنّه الوسط في السنّ والعمر.
إلاّ أنّه مستبعد جدّاً، وذلك لعدم وجود إرتباط بين العمر وهذه المقالة الوافية المعبّرة. والإرتباط يكون عادة - بمثل هذا الكلام بين العقل والفكر.
والتعبير بـ (لولا تسبّحون) مأخوذ بلحاظ أنّ أصل وجذر كلّ الأعمال الصالحة هو الإيمان ومعرفة الله وتسبيحه وتنزيهه.
وقد فسّر البعض "التسبيح" هنا بمعنى (شكر النعمة) والتي من ملازماتها إعانة المحرومين، وهذان التّفسيران لا يتنافيان مع بعضهما البعض، وهما مجموعان في مفهوم الآية الكريمة.
لقد سبق تسبيحهم (الإعتراف بالذنب)، ولعلّ هذا كان لرغبتهم في تنزيه الله تعالى عن كلّ ظلم بعيداً عمّا نزّل بجنّتهم من دمار وبلاء عظيم، وكأنّ لسان حالهم يقول: ربّنا إنّنا كنّا نحن الظالمين لأنفسنا وللآخرين، ولذا حقّ علينا مثل هذا العذاب، وما أصابنا منك هو العدل والحكمة.
كما يلاحظ في قسم آخر من آيات القرآن الكريم - أيضاً - أنّ التسبيح قبل الإقرار بالظلم، حيث نقرأ ذلك في قصّة يونس (ع) عندما أصبح في بطن الحوت، وذلك قوله: (لا إله إلاّ أنت سبحانك إنّي كنت من الظالمين)(206).
والظلم بالنسبة لهذا النبي العظيم هو بمعنى ترك الأولى، كما أوضحنا ذلك في تفسير هذه الآية.
﴿قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا﴾ عن الظلم ﴿إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ﴾ بما فعلنا