﴿فَوَقَعَ الْحَقُّ﴾ ظهر وثبت ﴿وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ من السحر.
وفي هذا الوقت ظهر الحق، وبطلت أعمالهم المزّيفة (فوقع الحق وبطل ما كانوا يعملون).
لأنّ عمل موسى كان عملا واقعياً، وكانت أعمالهم حفنة من الحيل ومن أعمال الشعبذة، ولا شك أنّه لا يستطيع أي باطل أن يقاوم الحق دائماً.
وهذه هي أوّل ضربة توجهت إلى أساس السلطان الفرعوني الجبّار.
ثمّ يقول تعالى في الآية اللاحقة: وبهذه الطريقة ظهرت آثار الهزيمة فيهم، وصاروا جميعاً أذلاء: (فغلبوا هنالك وانقلبوا صاغرين).
وبالرغم من أنّ المؤرخين ذكروا في كتب التاريخ قضايا كثيرة حول هذه الواقعة، ولكن حتّى من دون نقل ما جاء في التواريخ يمكن الحدس أيضاً بما حدث في هذه الساعة من اضطراب في الجماهير المتفرجة... فجماعة خافوا بشدّة بحيث أنّهم فرّوا وهربوا، وأخذ آخرون يصيحون من شدّة الفزع، وبعض أُغمي عليه.
وأخذ فرعون وملأه ينظرون إلى ذلك المشهد مبهوتين مستوحشين، وقد تحدّرت على وجوههم قطرات العرق من الخجل والفشل، فأجموا يفكرون في مستقبلهم الغامض المبهم، ولم يدر في خلدهم أنّهم سيواجهون مثل هذا المشهد الرهيب الذي لا يجدون له حلاًّ.