والتعبير بـ (ما أدراك ما الحاقّة) للتأكيد مرّة اُخرى على عظمة الأحداث في ذلك اليوم العظيم حتّى أنّ الباريء عزّوجلّ يخاطب رسوله الكريم (ص) بأنّك لا تعلم ما هو ذلك اليوم؟(232).
وكما لا يمكن أن يدرك الجنين الذي في بطن اُمّه المسائل المتعلّقة بالدنيا، فإنّ أبناء الدنيا كذلك ليس بمقدورهم إدراك الحوادث التي تكون في يوم القيامة.
ويحتمل أنّ المقصود من (الحاقّة) هو الإشارة إلى العذاب الإلهي الذي يحلّ فجأة في هذه الدنيا بالمشركين والمجرمين والطغاة وأصحاب الهوى والمتمرّدين على الحقّ.
كما فسّرت (القارعة) التي وردت في الآية اللاحقة بهذا المعنى - أيضاً وبلحاظ أنّ هذا التّفسير يتناسب بصورة أكثر مع ما جاء في الآيات اللاحقة التي تتحدّث عن حلول العذاب الشديد بقوم عاد وثمود وفرعون وقوم لوط، فقد ذهب بعض المفسّرين إلى هذا الرأي أيضاً.
وجاء في تفسير (علي بن إبراهيم) قوله: إنّ (الحاقّة هي الحذر من نزول العذاب) وهو نظير ما جاء في الآية التالية: (وحاقّ بآل فرعون سوء العذاب)(233)(234).
﴿وَمَا أَدْرَاكَ﴾ أي أي شيء أعلمك ﴿مَا الْحَاقَّةُ﴾ هي أعظم من أن يعلم كنهها.