(ثمّ الجحيم صلّوه ثمّ في سلسلة ذرعها سبعون ذراعاً فاسلكوه).
"السلسلة" في الأصل مأخوذة من مادّة (تسلسل) بمعنى الإهتزاز والإرتعاش، لأنّ حلقات السلسلة الحديدية تهتزّ وتتحرّك.
التعبير بـ (سبعون ذراعاً) يمكن أن يكون من باب (الكثرة) إذ أنّ العدد سبعين كثيراً ما يستعمل للكثرة، كما يمكن أن يكون المقصود هو العدد (سبعون) نفسه، وعلى كلّ حال، فإنّ مثل هذا الزنجير يطوق به المجرمون بحيث يربطون به من كلّ جانب.
وقال بعض المفسّرين: إنّ هذه السلاسل الطويلة ليست لشخص واحد.
بل لمجاميع يربط كلّ منها بسلسلة، وذكر هذه العقوبة بعد ذكر الغلّ في الآيات السابقة يتناسب أكثر مع هذا المعنى.
"ذراع": بمعنى الفاصلة بين الساعد ونهاية الأصابع، (وقياسها بحدود نصف متر) وكانت وحدة الطول المستعملة عند العرب، وهي قياس طبيعي، وقال البعض إنّ (الذراع) الوارد في الآية الكريمة هو غير الذراع المتعارف عليه، حيث أنّ كلّ وحدة منه تمثّل فواصل عظيمة، ويربط بهذا الزنجير جميع أهل جهنّم.
ونكرّر هنا مرّة اُخرى قولنا أنّ المسائل المرتبطة بالقيامة لا نستطيع تصويرها بالكامل بواسطة بياننا نحن سكّان الدنيا، إلاّ أنّنا نعكس شبحاً - فقط - من خلال ما جاء في الآيات والروايات.
التعبير بـ (ثمّ) في هذه الآية يوضّح لنا أنّ المجرمين بعد دخولهم في النار يربطون بالسلسلة ذات السبعين ذراعاً، وهذه عقوبة جديدة لهم.
كما يوجد إحتمال أنّ هذه السلاسل الفردية أو الجماعية تكون قبل الدخول في جهنّم، و (ثم) جاءت للتأخير في الذكر
﴿ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوه﴾ أدخلوه وقدم الجحيم للحصر وكذا السلسلة.