وأمّا عن الفرق بين "البلاغ" و "الرسالات" فقد قيل: إنّ البلاغ يخص اُصول الدين، والرسالات تخصّ بيان فروع الدين.
وقيل المراد من إبلاغ الأوامر الإلهية، والرسالات بمعنى تنفيذ تلك الأوامر، ولكن الملاحظ أنّ الإثنين يرجعان إلى معنى واحد، بقرينة الآيات القرآنية المتعددة: وكقوله تعالى في الآية (62) سورة الأعراف فيقول: (اُبلغكم رسالات ربّي) وغيرها من الآيات، ويحذر في نهاية الآية فيقول: (ومن يعص اللّه ورسوله فإنّ له جهنم خالدين فيها أبداً).
الواضح أنّ المراد فيها ليس كلّ العصاة، بل المشركون والكافرون لأنّ مطلق العصاة لا يخلدون في النّار.
ثمّ يضيف: (حتى إذا رأوا ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصراً وأقل عدداً).(4)
وفي المراد من العذاب في : (ما يوعدون) هل هو العذب الدنيوي أم الاُخروي أم الإثنان معاً؟ ورد في ذلك أقوال، والأوجه هو أن يكون المعنى عامّاً، وفيما يخصّ الكثرة والقلّة والضعف والقوّة للأنصار فإنّه متعلق بالدنيا، ولذا فسّره البعض بأنّه يتعلق بواقعة بدر التي كانت قوّة وقدرة المسلمين فيها ظاهرة وواضحة وقيل حسب الرّوايات المتعددة أنّها تخصّ الإمام المهدي (أرواحنا فده) وإذا أردنا تفسير الآية بمعانيها فإنّها تشمل كلّ ذلك.
﴿إِلَّا بَلَاغًا﴾ استثناء من مفعول أملك أي لا أملك لكم شيئا إلا البلاغ إليكم ﴿مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ﴾ أي عنه أو كائنا منه ﴿وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ في التوحيد ﴿فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ جمع للمعنى.