ثمّ صدر الأمر الثّاني بعد مسألة التوحيد، ويدور حول الطهارة من الدنس فيضيف: (وثيابك فطهّر)، التعبير بالثوب قد يكون كناية عن عمل الإنسان، لأنّ عمل الإنسان بمنزلة لباسه، وظاهره مبين لباطنه، وقيل المراد منه القلب والروح، أي طهر قلبك وروحك من كلّ الأدران، فإذا وجب تطهير الثوب فصاحبه اولى بالتطهير.
وقيل هو اللباس الظاهر، لأنّ نظافة اللباس دليل على حسن التربية والثقافة، خصوصاً في عصر الجاهلية حيث كان الإجتناب من النجاسة قليلاً وإن ملابسهم وسخة غالباً، وكان الشائع عندهم تطويل أطراف الملابس (كما هو شائع في هذا العصر أيضاً) بحيث كان يُسحل على الأرض، وما ورد عن الإمام الصّادق (ع) في معنى أنّه: "ثيابك فقصر" (3)، ناظر إلى هذا المعنى.
وقيل المراد بها الأزواج لقوله تعالى: (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) (4)، والجمع بين هذه المعاني ممكن، والحقيقة أنّ الآية تشير إلى أنّ القادة الإلهيين يمكنهم إبلاغ الرسالة عند طهارة جوانبهم من الأدران وسلامة تقواهم، ولذا يستتبع أمر إبلاغ الرسالة ولقيام بها أمر آخر، هو النقاء والطهارة.
﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ فقصر فإنه أبقى وأتقى وأنقى كما عن علي (عليه السلام) أو من النجاسة أو نفسك فنزه عن الأخلاق الذميمة.