ثمّ أنّ الآيات الشريفة وفي تعقيب لأمر ورد في الآيات السابقة في إطار القيام وإنذار المشركين، توكّد مرّة اُخرى على الإنذار والتحذير، فيقول تعالى: (فإذا نقرّ في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير).
وردت احتمالات متعددة في تركيب هذه الجملة، أفضلها ما جاء في كتاب (البيان في غريب إعراب القرآن) والذي يقول: (ذلك مبتدأ ويومئذ بدل ويوم عسير خبره)، والملاحظ أنّ (ناقور) هي في الأصل من نقر، ويعني الدق المؤدي إلى الإثقاب ومنها سمّي المنقار، وهو ما تمتلكه الطيور لدق الأشياء وثقبها، ولذلك يطلق اسم النّاقور على مزمار الذي يخرق صوته اُذن الإنسان وينفذ إلى دماغه.
ويستفاد من الآيات القرآنية أنّ في نهاية الدنيا وبدء المعاد بنفخ في الصور مرّتين، أي أن له صوتين موحشين ومرعبين يملآن مسامع العالم بأسره، أوّلهما صوت الموت، والثّاني صوت اليقظة والحياة، ويعبر عنهما (نفخة الصور الاُولى) و (نفخة الصور الثّانية) وهذا الآية تشير إلى نفخة الصور الثّانية، والتي يكون معها يوم البعث وهو يوم صعب وثقيل على الكفّار، ولقد كان لنا بحث مفصل حول الصور ونفخة الصور في ذيل الآية (68) من سورة الزمر.
على كل حال فإنّ الآيات المذكورة أعلاه تشير إلى حقيقة أنّ مشاكل الكفّار تظهر الواحدة بعد الأُخرى في يوم نفخة البعث، وهو يوم أليم ومفجع، ويركّع أقوى الناس.
﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ﴾ نفخ في الصور فاعول من النقر بمعنى النفخ.